للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه واليدين المغسولَين، ولذلك عندما يتحدث المفسرون والفقهاء عن تقديرها الإعرابي بعد العطف يقولون: إن التقدير: "اغسلوا وجوهَكم وأيديَكم إلى المرافق، وأرجُلَكم وامسحوا برؤوسكم"، ويعللون مجيئها متأخرةً بأن وجود الرأس فَصَلَ بين اليدين والرِّجلين في الترتيب.

٢ - قراءة الخفض (١): (وأرجلِكم): وكافة العلماء بَيَّنُوا أنَّ الخفض هنا للمجاورة، وقد ذَكَرْنَا هذا من قبل، وَسُقْنَا عليه شواهدَ كثيرةً موجودةً في كلام العرب.

(وَذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَةَ النَّصْبِ ظَاهِرَةٌ فِي الغَسْلِ، وَقِرَاءَةَ الخَفْضِ ظَاهِرَةٌ فِي المَسْحِ كظُهُورِ تِلْكَ فِي الغَسْلِ).

وَكَون القراءتَين مشهورتَين، هذا لا يُنازَع فيه، لكن قراءة النَّصب لها تأويلات معروفة عند العلماء، منها أنها عطفٌ.

أمَّا الخفض، فإنما جاء للمجاورة، وإلا فمحله النصب؛ لأن الرِّجلَ مغسولة، والأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي أَمْره لأصحابِهِ تعضض هذا، وخاصة حديث عمرو بن عبسة (٢)، وتعضضه كذلك الآثار الواردة عن الصحابة كعمر (٣) وغيره.


(١) يُنظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة (ص ٢٢٣) حيث قال: "وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر {وَأَرْجُلَكُمْ} خفضًا عطفًا على الرُّؤوس".
(٢) أخرجه مسلم (٨٣٢)، ولفظه: "ما منكم رجل يقرب وضوءه فيتمضمض، ويستنشق فينتثر إلا خرَّت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خَرَّت خطايا وجهه من أطراف لحيتِهِ مع الماء، ثمَّ يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرَّت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرَّت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قَدَميه إلى الكعبين إلَّا خرَّت خطايا رِجْلَيه من أنامله مع الماء".
(٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٣٦)، ولفظه: "رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجلًا يتوضَّأ، فبقي في رجله لمعةٌ، فقال: أعد الوضوء".

<<  <  ج: ص:  >  >>