للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أيضًا قول أبي حنيفة الإمام (١)، وإن خالفه صاحباه في هذه المسألة (٢).

فهؤلاء العلماء الآنف ذكرهم يقولون بعدم جواز الجمع بين الصلاتين، أي: لا يجوز للإنسان أن يجمع بين الصلاتين؛ لأن اللَّه، سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣] وجبريل صلى بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عند البيت مرتين، ثم قال له: "الوقت ما بين هذين" (٣) فدل ذلك على أن لكل صلاة وقتًا محددًا له بداية وله نهاية، ليس للإنسان أن يصلي الصلاة في غيره، فليس له أن يسبق الوقت فيؤديها قبله، ولا أن يؤخرها حتى يدخل وقت الأخرى، قالوا (٤): وما ورد في الأوقات إنما هو متواتر، وقالوا: وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ليس التفريط في النوم" (٥)، يعني: ليس التفريط في الصلاة كائنًا بسب النوم، "إنما التفريط على من لا يصلي الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى" (٦)؛ فدلَّ ذلك على أن الصلاة لا تؤدى في غير


(١) كما تقدم النقل عنه قريبًا.
(٢) لم يخالف أبا حنيفة صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن في هذه المسألة، وإنما خالفه في مسألة أُخرى بشأن الجمع.
انظر: "المحيط البرهاني"، لابن مازه (٢/ ٧٠٣) وفيه قال: "وإن لم يدرك الجمع مع الإمام الأكبر، فأراد أن يصلي وحده في رحله أو بجماعة بدون الإمام الأكبر صلى كل صلاة في وقتها عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: كما فعل مع الإمام الأكبر، فالحاصل أن عند أبي حنيفة شَرْط جواز الجمع بين صلاة الظهر والعصر في وقت الظهر يوم عرفة إحرام الحج، والإمام الأكبر، وعندهما إحرام الحج لا غير".
(٣) أخرجه أبو داود (٣٩٣) بلفظ: ". . . ثم التفت إليَّ -أي: جبريل- فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء، من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين" وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٤٩).
(٤) أي: الحنفية كما مر.
(٥) أخرجه مسلم (٦٨١) بلفظ: "أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها".
(٦) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>