للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتها، قالوا: هناك أدلة قد اشتهرت وتواترت، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن أن التفريط ليس في النوم؛ لأن النائم معذور، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "رفع القلم عن ثلاثة"، وذكر من بينهم النائم حتى يستيقظ (١)، وكذلك أيضًا قال هنا: "ليس التفريط في النوم، إنما التفريط على من لا يصلي الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى" (٢) بمعنى: أنه أجلها إلى وقت الأخرى، قالوا: وما ورد من أدلتكم أيضًا إنما هي أخبار آحاد، فلا ينبغي أن تخص الأحاديث المتواترة بأخبار الآحاد (٣)، وهذا معلوم في مذهب الحنفية (٤).

أما جماهير العلماء فإنهم قد تناولوا هذه المسألة بالبسط، ومن العلماء مَن قال بمشروعية الجمع بين الصلاتين وجوازه، وهم: مالك والشافعي وأحمد (٥)، فإن هؤلاء العلماء قالوا بجوازه، واستدلُّوا بحديث أنس، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يجمع بين المغرب والعشاء وكان يجمع بين الظهر والعصر" (٦).


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٩٨) بلفظ: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبى حتى يكبر"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٩٧).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) انظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ١٢٧)، وفيه قال: " (ولنا) أن تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر فلا يباح بعذر السفر والمطر كسائر الكبائر، والدليل على أنه من الكبائر ما روي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من جمع بين صلاتين في وقت واحد فقد أتى بابًا من الكبائر"، وعن عمر -رضي اللَّه عنه- أنه قال: الجمع بين الصلاتين من الكبائر، ولأن هذه الصلوات عرفت مؤقتة بأوقاتها بالدلائل المقطوع بها من الكتاب والسنة المتواترة والإجماع، فلا يجوز تغييرها عن أوقاتها بضرب من الاستدلال أو بخبر الواحد".
(٤) هذا القاعدة مطردة في كتب الحنفية، انظر: "التجريد" للقدوري (١٢/ ٦١٠٤) وفيه قال: "والجواب: أن هذه الأخبار آحاد وردت في تحريم ما علمنا إباحته بأخبار الاستفاضة والاتفاق، ولا يجوز ترك ما ثبت بدليل مقطوع به بطريق مظنون".
(٥) كما مر النقل عنهم قريبًا. لكن المالكية قالوا بجوازه في المغرب والعشاء فقط. كما سبق.
(٦) أخرجه البخاري (١١٠٨) ومسلم (٧٠٤): "عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا عجل عليه =

<<  <  ج: ص:  >  >>