للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث معاذ: "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكان إذا زاغت الشمس صلى الظهر والعصر معًا في وقت الظهر، عجَّل العصر إلى وقت الظهر فصلاهما" (١) إذن هذا فيه نصٌّ على أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصليهما معًا في وقت إحداهما، وليس كما يقول هؤلاء العلماء من أنه يصلي هذه في آخِر وقتها، وتلك في أول وقتها (٢)، ثم لو أن هذا كما يقول هؤلاء العلماء فهذا حقيقة لا يكون فيه تخفيف؛ لأن المعلوم أن الجمع بين الصلاتين الحكمة فيه التخفيف على المسافر (٣)، فلو كان الجمع -كما يقولون- تأخير الصلاة إلى آخر وقتها، وجعل التالية لها في أول وقتها، فمعنى هذا أن المسافر سيجلس يرقب الزمن، وهذا فيه مشقة عليه، بعكس ما هو مراعًى في أمر التخفيف، ولكان كون المسافر موسَّعًا عليه الأمر يصلي كل صلاة في وقتها كما هو الأصل - أيسر عليه وأسهل من أن يأخذ بهذا الرأي، فيجلس يرقب الوقت حتى إذا لم يبق إلا وقت تؤدَّى فيه صلاة الظهر صلَّاها، وكذلك المغرب، فإذا ما دخل وقت العصر أو وقت العشاء صلى الصلاة السابقة عليها.

* قوله: (وَذَهَبَ الكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَوْقَعَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَصَلَاةَ العَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا (٤) عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ) (٥).

حديث إمامة جبريل؛ إذ صلى برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فانه صلى به الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس، وصلى به العصر حين صار ظلُّ كل شيء مثله، وفي اليوم الثاني صلى به الظهر في الوقت الذي صلى به العصر فيه،


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) انظر هذه الأدلة في الردِّ على الأحناف في: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٣٧٢).
(٣) تقدَّم قريبًا من قال من العلماء بعلة التخفيف في الجمع.
(٤) تقدَّم نقل قولهم قريبًا.
(٥) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>