للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَاتَّفَقَ القَائِلُونَ بِجَوَازِ الجَمْعِ عَلَى أَنَّ السَّفَرَ مِنْهَا).

أفادنا المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن من أسباب الجمع: السفر، وقد سبق لنا الإشارة إلى أسباب التخفيف، وذكرنا منها المرض، والسفر، والنقص، وعموم البلوى، وغيرها. وهي أمور سبعة، وقد سبق حصرها.

فتحصل لنا أن السفر سبب من أسباب التخفيف؛ لأنه مظنة المشقة، فثبت به التخفيف، وإن لم تتحقق المشقة (١).

* قَالَ: (وَاخْتَلَفُوا فِي الجَمْعِ فِي الحَضَرِ، وَفِي شُرُوطِ السَّفَرِ المُبِيحِ لَهُ).

أما الجمع في الحضر فقد يكون له سبب؛ كالمطر، أو المرض، أو الخوف، أو الريح؛ فمثلًا: إذا كانت ليلة مظلمة فيها ريح شديدة باردة، فهذه فيها كلام للعلماء، سيأتي إن شاء اللَّه. وقد يكون الجمع لغير سبب، فلا رخصة هنا، وقد شذَّ بعضهم؛ فأجاز الجمع في هذه الحال (٢).

(وَذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ مِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ سَبَبًا مُبِيحًا لِلْجَمْعِ؛ أَيَّ سَفَرٍ كَانَ، وَأَيَّ صِفَةٍ كَانَ).

قوله: (أي سفر كان): يُشير إلى قضية لم يُفصِّلها هنا، وهذا مسلك يَسلكه أحيانًا إذا رأى أن هذه المسألة ليست من مقاصده؛ لكونها جزئية، فتنبه.


(١) يُنْظَر: "قواطع الأدلة" للسَّمعاني (١/ ٩٦)؛ حيث قال: "والسَّفر جُعِل عذرًا؛ لأنَّه سبب المشقة، فالمشقة في الأداء لا غير".
(٢) يُنْظَر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٤/ ٣٨٤)؛ حيث قال: "قال ابن المنذر من أصحابنا: يَجوز الجمع في الحَضَر من غير خوف ولا مطر ولا مرض، وحكاه الخَطَّابي في: "معالم السُّنن" عن القفال الكبير الشاشي، عن أبي إسحاق المروزي، قال الخطابي: وهو قول جماعة من أصحاب الحديث؛ لظاهر حديث ابن عباس".
وانظر: "الأوسط" لابن المنذر (٣/ ١٣٧)؛ حيث قال: "وقد روينا عن ابن سيرين: أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يجمع بين الصلاتين إذا كانت حاجة أو شيء، ما لم يتخذه عادة".

<<  <  ج: ص:  >  >>