للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أي سفرٍ كان): سواء كان طويلًا، وهو الذي تقصر فيه الصلاة، أو كان سفرًا قصيرًا لا تُقصر في مثله الصلاة، وهذا هو مذهب المالكية (١) والشافعية (٢).

وخالفهم الحنابلة فجعلوا الجمع كالقصر، وقالوا: لا بد أن يكون السفر مما تُقصر فيه الصلاة (٣)، وهو أربعة بُرد فما فوق (٤).

والمالكية والشافعية إنما أجازوا الجمع في السَّفر القصير دون القصر؛ لجمعه -صلى اللَّه عليه وسلم- في عرفات (٥)، وفي مزدلفة (٦).


(١) وهو خلاف الأولى عندهم، يُنْظَر: "الشرح الكبير" للدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ٣٦٨)؛ حيثُ قال: " (ورُخِّص له)، أي: للمسافر -رجلًا أو امرأة- جوازًا، بمعنى: خلاف الأَوْلَى (جمع الظُّهرين)، لمشقة فعل كل منهما في وقته، ومشقة السَّفر، (ببَر)، أي: فيه، لا في بَحر؛ قصرًا للرخصة على موردها إذا طال سفرُه، بل (وإن قصر) عن مسافة القصر".
(٢) المعتمد عند الشافعية: أنَّ الجمع بين الصلاتين إنَّما يكون في السفر الطويل، وفي قول عندهم: "يجوز الجمع في السفر القصير"، يُنْظَر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٢/ ٣٩٣)؛ حيثُ قال: " (يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديمًا). . . وكالظهر الجمعة في هذا. . .، (وتأخيرًا) في وقت الثانية، (و) بين (المغرب والعشاء كذلك)، أي: تقديمًا وتأخيرًا (في السفر الطويل) المُجَوِّز للقصر. . . (وكذا القصير في قول) اختير؛ كالتنفل على الراحلة، وأشار بـ، "يجوز" إلى أن الأفضل ترك الجمع؛ خروجًا من خلاف مَن منعه".
(٣) يُنْظَر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٠٢)؛ حيث قال: "ولا يجوز الجمع إلا في سفر يُبيح القصر".
(٤) البُرُد: جمع بَريد، وهي سِتَّة عَشر فرسخًا، والفرسخ: ثلاثة أميال، والميل: أربعة آلاف ذراع. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (١/ ١١٦).
(٥) أخرجه أحمد (٦١٣٠)، عن ابن عمر، قال: "غدا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من منى حين صَلَّى الصبح في صبيحة يوم عرفة، حتى أتى عرفة فنزل بنمرة، وهي منزل الإمام الذي كان ينزل به بعرفة، حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مُهجرًا، فجمع بين الظهر والعصر، ثم خطب الناس، ثم راح فوقف على الموقف من عرفة"، وحَسَّن إسنادَه الأرناؤوط.
(٦) أخرجه مسلم (١٢٨٠) عن أسامة بن زيد: "أنه كان رديف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين أفاض من عرفة، فلما جاء الشِّعْبَ أناخ راحلته، ثم ذهب إلى الغائط، فلما رجع صببت عليه من الإداوة، فتوضأ ثم ركب، ثم أتى المزدلفة فجمع بها بين المغرب والعشاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>