للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِذْ كانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي كَلَامِ العَرَبِ مِثْلَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَعِبَ الزَّمَانُ بِهَا وَغَيَّرَهَا … بَعْدِي سَوَافِي (١) المُورِ (٢) وَالقَطْرِ (٣)

بِالخَفْضِ، وَلَوْ عُطِفَ عَلَى المَعْنَى لَرَفَعَ القَطْرَ).

وهذا البيت للشاعر المعروف زهير بن أبي سُلْمَى، يتحدث فيه عن الآثار، وعن تَغَيُّرِها نتيجة السوافي.

و"السوافي" إنما هي الرياح، ومفردها سافية؛ لأنها تسفي التراب على تلك الأماكن، فبسبب كثرة ما سفت الرياح على تلك الآثار، تراكم عليها التراب، ثم جاء المطر، فلبَّد تلك الأتربة حتى تَغيَّرَت معالِمُهَا بذلك.

والشاهد في البيتِ: قولُهُ: (سَوَافِي المُورِ وَالقَطْرِ)، فالقياس أن يقول: (والقطرُ) بالرفع؛ لأنه معطوفٌ على (سوافي) التي تقع في السياق فاعلًا يستحق الرفع.

ومثل هذا البيت الذي ذكرنا عن امرئ القيس:

كأنَّ ثبيرًا في عرانينِ (٤) وَبْلِهِ … كبيرُ أناسٍ في بِجادٍ (٥) مُزَمَّلِ (٦)

و"ثبير": هذا اسمٌ لجبلٍ معروفٍ بمكةَ.


(١) "السَّوافي مِنَ الرِّياحِ": الفَواتي يَسْفِين الترابَ. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٤/ ٣٨٩).
(٢) "مارَ": جَرَى. وَمَارَ يَمُور مورًا إذا جَعَل يذهب، ويجيء، ويتردد. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٥/ ١٨٦).
(٣) يُنظر: "ديوان زهير بن أبي سلمى" (ص ١٨).
(٤) "عَرَانين السحاب": أَوائل مطره. انظر: "تهذيب اللغة" (٢/ ٢٠٤).
(٥) "البجاد": الكساء المخطَّط. يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (٣/ ٧٧).
(٦) يُنظر: "ديوان امرئ القيس" (ص ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>