للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُجمع بين الظهر والعصر، وأما الشافعي فيرى الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وهي رواية عند الحنابلة، أو قول في المذهب (١).

وإنما فرق مالك وأحمد؛ لأن فقههما هو فقه الأثر؛ أي: أنك تجد كثرة الآثار المنقولة عن الإمامين؛ لأنهما توسَّعا في علم الحديث؛ أي: في رواية الحديث، وأحمد أكثر الأئمة في ذلك؛ كما هو معروف. ويُسمَّى فقههما: فقه الأثر، لا سيما فقه الإمام أحمد؛ لكثرة الآثار المروية فيه، سواء كانت أحاديث مرفوعة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو مُرسلة، أو آثارًا عن الصحابة.

وإنما فَرَّقا للآثار الواردة؛ فقد جاء عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: "من السُّنَّة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء" (٢)، قالوا: ويريد بالسنة: سُنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).

وجمع أبان بن عثمان -رَحِمَهُ اللَّهُ- في ليلة مطيرة بين المغرب والعشاء (٤).

وعن عبد اللَّه بن عمر أنَّه كان "إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء


(١) هما وجهان؛ يُنْظَر: "الإنصاف" للمرداوي (٢/ ٣٣٧)؛ حيث قال: "والوجه الآخر: يجوز الجمع؛ كالعشاءين. اختاره القاضي، وأبو الخطاب في "الهداية"، والشيخ تقي الدين وغيرهم".
(٢) أخرجه أبو بكر الأثرم في "سننه"، كما في "التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل" (ص: ٩٥).
(٣) يُنْظَر: "العدة في أصول الفقه" لأبي يعلى الفراء (٣/ ٩٩٣)، حيث قال: "هذا يقتضي أن قول التابعي: من السنة: أنها سُنَّة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-"، والمشهور أن قول التابعي: "من السنة كذا" في حكم الموقوف لا المرفوع، بخلاف قول الصحابي ذلك. انظر: "شرح ألفية العراقي" لابن العيني الحنفي (ص: ١٠١).
(٤) أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٦٩)، عن هشام بن عروة، قال: "رأيت أبان بن عثمان يجمع بين الصلاتين في الليلة المطيرة؛ المغرب والعشاء، فيصليهما معه عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة بن عبد الرحمن؛ لا ينكرونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>