للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المطر، جمع معهم" (١). ونُقِل عن غير واحد من السلف (٢).

فهذه الآثار المنسوبة إلى الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك في المغرب والعشاء هي مُتمسك مالك وأحمد في الرواية الأولى.

والذين أجازوا ذلك استدلوا بحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام: "جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء" (٣).

لكنَّ الحديث فيه مقال (٤)؛ ولذلك لم يأخذ به الآخرون.

ولا أعني: حديث عبد اللَّه بن عباس المتفق عليه؛ لأن حديث عبد اللَّه بن عباس جاء بروايات أن رسول -صلى اللَّه عليه وسلم- جمع في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، "في غير خوف، ولا سفر وفي رواية: "في غير خوف، ولا مطر"، فذِكرُ المطر مَنَعَهم من الاستدلال به.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١٤٥)، وصححه الألباني في "الإرواء" (٣/ ٤١).
(٢) أخرج البيهقي في "الكبرى" (٥٥٥٧)، عن هشام بن عروة: "أن أباه عروة وسعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي - كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين، ولا ينكرون ذلك"، وأخرج أيضًا (٥٥٥٨)، عن موسى بن عقبة: "أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر، وأن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يُصلون معهم، ولا ينكرون ذلك"، وصحح إسنادَهما الألبانيُّ في "الإرواء" (٣/ ٤٠).
(٣) أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٥٢٥)، عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "جمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بين الأولى والعصر، وبين المغرب والعشاء، فقيل له، فقال: "صنعتُه، لئلا تكون أُمَّتي في حَرَج". ووجه استدلالهم بهذا الحديث: أنَّ ما ذُكر فيه من التعليل بنفي الحرج ظاهر في مطلق الجمع؛ وإرادة نفي الحرج يَقدح في حمله على الجمع الصُّوري؛ لأن القصد إليه لا يَخلو عن حرج. انظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٤).
(٤) يُنْظَر: "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للهيثمي (٢/ ١٦١)؛ حيث قال: "رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه عبد اللَّه بن عبد القدوس ضَعَّفَه ابنُ معين والنسائي، ووَثَّقه ابن حبان، وقال البخاري: "صدوق إلا أنه يَروي عن أقوام ضعفاء". قلت: وقد روى هذا عن الأعمش، وهو ثقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>