للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسير في ظلمة أو في شبه ظلمة؛ فإنه -وإن وجدت إضاءة- فالنهار دائمًا يختلف عن الليل في قوة الإضاءة (١).

تنبيه: هذه المسالة ناقشها المؤلف مفصلة عقليًّا ومنطقيًّا، مع أنه لا يفعل هذا أحيانًا في مسائل كبرى في كتابه.

* قَالَ: ((وَأَحْسَبُ أَنَّ مَالِكًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- إِنَّمَا رَدَّ بَعْضَ هَذَا الحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ عَارَضَهُ العَمَلُ).

نقول: بل لم يَرُدَّ الحديث، ولكنه رأى أن الجمع بين الظهر والعصر كالمخصص بالعمل.

* قوله: (فَأَخَذَ مِنْهُ بِالبَعْضِ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ العَمَلُ، وَهُوَ الجَمْعُ فِي الحَضَرِ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: "كَانَ إِذَا جَمَعَ الأُمَرَاءُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، جَمَعَ مَعَهُمْ" (٢)، لَكِنَّ النَّظَرَ فِي هَذَا الأَصْلِ الَّذِي هُوَ العَمَلُ كَيْفَ يَكُونُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُتَقَدِّمِي شُيُوخِ المَالِكِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّهُ مِنْ بَابِ الإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ إِجْمَاعَ البَعْضِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ).

• مسألة أصولية: عمل أهل المدينة، هل هو حُجَّة أم لا؟

فالمالكية يذهبون إلى أنه حُجَّة، وخالفهم جمهور الفقهاء والأصوليين، وهو الأقوى (٣)؛ فقهاء المدينة جزء من الفقهاء؛ فلا يمكن


(١) يُنْظَر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ٣٧٠)، حيث قال: " (و) رخص ندبًا لمزيد المشقة (في جمع العشاءين فقط) جمع تقديم لا الظهرين؛ لعدم المشقة فيهما غالبًا".
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١٤٥).
(٣) يُنْظَر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (٦/ ٤٤٠)، حيث قال: "المسألة الرابعة: إجماع أهل المدينة على الانفراد لا يكون حجة، وقال مالك: إذا أجمعوا لم يعتد بخلاف غيرهم. قال الشافعي في كتاب "اختلاف الحديث": قال بعض =

<<  <  ج: ص:  >  >>