للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلماء في هذه الباء على أنها للإلصاق (١)، وبعضهم على أنها زائدة (٢)، وعلى كلا التقديرين يكون محلها النصب.

(وَقَدْ رَجَّحَ الجُمْهُورُ قِرَاءَتَهُمْ هَذ بِالثَّابِتِ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- إِذْ قَالَ فِي قَوْمٍ لَمْ يَسْتَوْفُوا غَسْلَ أَقْدَامِهِمْ فِي الوُضُوءِ: "وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ").

وَهَذا الحديث من جُمْلة الأحاديث التي ثَبَتَت في "الصحيحين" (٣)، وقد رُويَ هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص (٤)، وَكَذا عن أبي هُرَيرة (٥)، وكذلك اتفقت معهم أمُّ المؤمنين عائشة (٦) -رضي الله عنهم- جميعًا في اللفظ، فيما رواه عنها الإمام مسلمٌ في "صَحِيحِهِ".

(قَالُوا: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الغَسْلَ هُوَ الفَرْضُ؛ لِأَنَّ الوَاجِبَ هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ العِقَابُ، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لأَنَّهُ إِنَّمَا وَقَعَ الوَعِيدُ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا أَعْقَابَهُمْ دُونَ غَسْلٍ).

ويُحَاول المؤلِّف هاهنا أن يستنبطَ من هذه الأحاديث ما يكون حُجَّةً للَّذين يقولون بالمسح؛ فيعلل بأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- رأى أقوامًا تَوَضَّؤُوا، تَلْمَعُ أقدامُهُم بياضًا، فقال: "وَيْلٌ لِلأعْقَاب مِنَ النَّارِ"، وأنَّه -صلى الله عليه وسلم- أوقع الوعيد على ترك الأعقاب بسبب ما رآه منَ لمعةٍ فيها، لا على ترك الغَسل.


(١) يُنظر: "مغني اللبيب" لابن هشام (ص ١٤٣) حيث قال: "قيل: ومنه -أي: التبعيض - {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، والظاهر أن الباء فيهن للإلصاق".
(٢) يُنظر: "التبيان فىِ إعراب القرآن" للعُكْبَري (١/ ٤٢٢) حيث قال: "الباء زائدة، وقال مَنْ لا خبرة له بالعربية: الباء في مثل هذا للتبعيض، وليس بشيءٍ يعرفه أهل النحو، ووجه دخولها أنها تدل على إلصاق المسح بالرأس".
(٣) أخرجه البخاري (٦٠)، ومسلم (٢٤١).
(٤) أخرجه البخاري (٦٠)، ومسلم (٢٤١).
(٥) أخرجه البخاري (١٦٥)، ومسلم (٢٤٢).
(٦) أخرجه مسلم (٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>