للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرون فسجدوا، ثم قام فركع بهم جميعًا الثانية بالذين يلونه وبالذين يحرسونهم، ثم سجد بالذين -يعني: يلونه- ثم تأخر، وأقاموا في مصاف أصحابهم، وتَقَدَّم الآخرون فسجدوا، ثم سَلَّم عليهم، فكانت لكلهم ركعتان ركعتان مع إمامهم" (١).

لذلك صدَّر المؤلف بها واعتبرها آية الخوف مع أن الآية التي يُستشهد بها على صلاة الخوف هي قول اللَّه -سبحانه وتعالى-: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى. . .} [النساء: ١٠٢]، إلى آخر الآية المعروفة.

فهذه الآية جاءت في صلاة الخوف، وأما فى صلاة شدة الخوف فجاء قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا. . .}، فهذا كله ذكره اللَّه -سبحانه وتعالى- في كتابه.

وفي قوله تعالى: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء: ١٠٢].

أمر اللَّه -سبحانه وتعالى- المؤمنين أن يُصلوها، وحَذَّرهم من أن يَغدُر بهم أعداؤهم، ولذلك صَلَّاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وخلفاؤه من بعده، ومنهم: علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- في قتاله مع الخوارج، وكان قتالًا مفروضًا عليه، وكان معه جمع غفير من الصحابة، بل من أكابر الصحابة رضوان اللَّه عليهم ولم يُخالف في ذلك، بل كان إجماعًا منهم (٢).


(١) أخرجه النسائي في "الكبرى" (١٩٥١).
(٢) جاء عن علي -رضي اللَّه عنه- في صلاة الخوف: "تتقدم طائفة مع الإمام، وطائفة بإزاء العدو؛ فيُصلي بهم الإمام ركعة وسجدتين، ثم تذهب الطائفة الذين صلوا مع الإمام فيقومون موقف أصحابهم، ويجيء أولئك فيدخلون في صلاة الإمام؛ فيصلي بهم ركعة، ثم يُسلم الإمام، ثم يقومون فيصلون ركعة مكانهم، ثم ينطلقون فيقومون مكان أصحابهم، ويجيء أولئك فيصلون ركعة". أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٤٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>