للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فاتته صلوات ومع ذلك لم يُصَلِّ صلاة الخوف - دَلَّ ذلك على نسخها؛ إذ لو كانت باقية لصلاها (١).

والجواب عما ذكر: أنَّ النسخ لا يُلجأ إليه إلا عند تعذر الجمع بين الأدلة، عند الترجيح بينها (٢).

ومن شرط النسخ: معرفة التاريخ؛ فالمتأخر يَنسخ المتقدم ما لم يُمكن الجمع (٣).

ويمكن الجواب عن قوله بجوابين:

• الجواب الأول: أن صلاة الخوف جائزة، وليست واجبة، وترك النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لها في غزوة الخندق لا يَلزم منه النسخ (٤)، وهذا يُبطل رأيه.


(١) أخرج الإمام أحمد في "مسنده" (١١٤٦٦)، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه -رضي اللَّه عنه-، قال: حُبسنا يوم الخندق عن الصلاة، حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل، حتى كفينا، وذلك قول اللَّه تعالى: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}، قال: "فدعا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بلالًا، فأقام صلاة الظهر فصلاها، وأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر، فصلاها وأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب، فصلاها كذلك"، قال: "وذلكم قبل أن يُنزل اللَّه في صلاة الخوف: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ".
(٢) يُنْظَر: "شرح الكوكب المنير" (٣/ ٥٢٩)، حيث قال: "ولا نَسخ مع إمكان الجمع بين الدليلين؛ لأنا إنما نحكم بأن الأول منهما منسوخ إذا تعذر علينا الجمع، فإذا لم يتعذر وجمعنا بينهما بكلام مقبول -أو بمعنى مقبول- فلا نسخ".
(٣) يُنْظَر: "التلخيص في أصول الفقه" للجويني (٢/ ٥٤٣)، حيث قال: "أجمع العلماء على أن مِن شرط الناسخ: أن يتأخر عن المنسوخ، وإنما يتبين ذلك بأن يتأرخ الناسخ والمنسوخ جميعًا، فلو لم يثبت التاريخ في واحد منهما، أو ثبت التاريخ في أحدهما، فلا يتبين الناسخ منهما".
(٤) يُنْظَر: "المجموع" للنووي (٤/ ٤٠٦)، حيث قال: "صلاة الخوف على هذه الصفة جائزة ليس واجبة، فلا يلزمه من تركها النسخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>