للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفٌ ومشهورٌ في لغة العرب، وأكابر علماء اللغة كالأزهريِّ (١) يَذكُرُون ذَلكَ، ويَقُولون: إنَّ الإنسان يُقَال له: (تَمَسَّحْتَ) بمعنى (تَوَضَّأْتَ)، و: (تَمَسَّحْ) بمعنى (تَوَضَّأْ).

* قوله: (وَجَوَازُ الْمَسْحِ هُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَكِنْ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى).

روي مسح الرجلين عن بعض الصحابة؛ كأنس، وابن عباس، ومن التابعين الشعبي وتعلَّق به بعض المتأخرين (٢).

ولو كان مسح الرجلين يجزئ ما أتى الوعيد بالنار على من لم يغسل عقبيه وعرقوبيه أو فاته شيء من بطون قدميه، لأنه معلوم أنه لا يعذب بالنار إلا على ترك الواجب.

وقد أجمع المسلمون أن من غسل قدميه فقد أدى الواجب عليه من قال منهم بالمسح ومن قال بالغسل فاليقين ما أجمعوا عليه.

* قوله: (وَالْغَسْلُ أَشَدُّ مُنَاسَبَةً لِلْقَدَمَيْنِ مِنَ الْمَسْحِ كمَا أَنَّ الْمَسْحَ أَشَدُّ مُنَاسَبَةً لِلرَّأْسِ مِنَ الْغَسْلِ، إِذْ كانَتِ الْقَدَمَانِ لَا يُنْفَى دَنَسُهُمَا غَالِبًا إِلَّا بِالْغَسْلِ، وَيُنْفَى دَنَسُ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، وَذَلِكَ أَيْضًا غَالِبٌ، وَالْمَصَالِحُ الْمَعْقُولَةُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا لِلْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى يَكُونَ الشَّرْعُ لَاحَظَ فِيهِمَا مَعْنَيَيْنِ: مَعْنًى مَصْلَحِيًّا، وَمَعْنًى عِبَادِيًّا (وَأَعْنِي بِالْمَصْلَحِيِّ: مَا رَجَعَ إِلَى الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ، وَبِالْعِبَادِيِّ: مَا رَجَعَ إِلَى زَكَاةِ النَّفْسِ).

معلوم أن الغسل مخالف للمسح وغير جائز أن تبطل إحدى القراءتين


(١) لَمْ أَجِدْهُ في "تَهْذيب اللُّغة" للأزهري، ولكن نص عليه الفيومي في "المصباح المنير" (٢/ ٥٧١)، فَقَال: "قال أبو زيدٍ: المسح في كلام العرب يكون مسحًا، وهو إصابة الماء، ويكون غسلًا، يقال: مسحت يدي بالماء إذا غسلتها، وتمسحت بالماء إذا اغتسلت".
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>