للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأخرى فلم يبق إلا أن يكون المعنى الغسل أو العطف على اللفظ، وهذا التأويل تعضده سنة رسول الله المجتمع عليها بأنه كان يغسل رجليه في وضوئه مرة ومرتين وثلاثًا.

وجاء أمره في ذلك موافقًا لفعله فقال: "وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ" (١).

وقد وجدنا العرب تخفض بالجوار والإتباع على اللفظ بخلاف المعنى والمراد عندها المعنى كما قال امرؤ القيس (٢):

كَبِيرُ أُنَاسٍ فِي بِجَادٍّ مُزَمَّلِ

فخفض بالجوار وإنما المزمل الرجل والإعراب فيه الرفع.

ومن هذا قراءة ابن كثير وأبي عمرو (٣): (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ) بالجر؛ لأن النحاس هو الدخان.

* قوله: (وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْكَعْبَيْنِ هَلْ يَدْخُلَانِ فِي الْمَسْحِ أَوْ فِي الْغَسْلِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ الْمَسْحَ؟).

الكعبان: هما اللذان في أسفل الساق من جانبي القدم.

وحكي عن محمد بن الحسن أنه قال: هما في مشط القدم، وهو معقد الشراك من الرجل، بدليل أنه قال: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]. فيدل على أن في الرجلين كعبين لا غير، ولو أراد ما ذكرتموه كانت كعاب الرجلين أربعة، فإن لكل قدم كعبين.

والصواب أنَّ محمَّدًا رَحِمَهُ اللهُ لم يُرد تفسير الكعب بهذا في الطهارة، وإنما أراد في المحرم إذا لم يجد نعلين أنه يقطع خفيه أسفل من الكعبين وفسر الكعب بهذا، فأما في الطهارة، فلا شك أنه العظم الناتئ.

* قوله: (وَأَصْلُ اخْتِلَافِهِمْ الاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي حَرْفِ "إِلَى" أَعْنِي:


(١) أخرجه مسلم (٢٤٢).
(٢) "ديوان امرئ القيس" (ص ٦٧).
(٣) "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران (ص ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>