للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضوع يَنبني على قاعدةٍ هامة، وهي قاعدة: "المَشقة تَجْلِب التَّيسير" (١).

* قوله: (أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ المَرِيضَ مُخَاطَبٌ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (٢)).

هذا محلُّ إجماع؛ لأنه يدخل ضمن المخاطبين المأمورين بأداء الصلاة المَنهيين عن تركها، ولكن مرضه سبب من أسباب التخفيف؛ ولذلك يُيسر عليه؛ كما في حديث عمران بن الحُصين: أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال له: "صَلِّ قائمًا، فإن لم تستَطِع فقاعدًا، فإن لم تستَطِع فعلى جَنبٍ"، وهو حديث أخرجه البخاري وغيره (٣)، ويتبين به أن للمريض أحوالًا.

* قوله: (وَأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ القِيَامِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْهُ، وَيُصَلِّي جَالِسًا (٤)).

للصلاة أركان وشروط، وقد تقدم من شروط صحتها: ستر العورة، واستقبال القبلة، وغير ذلك.

ومن أركانها: القيام فلا يَسقط إلا بالعجز عنه، ومن قَدر على القيام


(١) يُنظر: "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السبكي، حيث قال: "القاعدة الثالثة: المشقة تَجلب التيسير،. . .، وإن شئت قلت: إذا ضاق الأمر اتَّسع".
(٢) يُفهم هذا الإجماع من تعريفهم للمُكلَّف، يُنْظَر: "التقريب والإرشاد الصغير" للباقلاني (١/ ٢٣٩، ٢٤٠)، حيث قال: "القول في معنى التكليف. . . والفقهاء يستعملون ذلك على ثلاثة معان. . . والوجه الثالث: أن يقولوا: إن الطفل مخاطب ومكلف، وكذلك العبد والمريض، يَعنون بذلك: أنهم إذا فعلوا ما لا يجب عليهم فعله ناب مَناب ما يجب عليهم، ووقع موقعه، فلذلك قالوا: إن المريض الذي يجهده الصيام والقيام إلى الصلاة -ولا يجب ذلك عليه- مخاطب بهما إذا فعلهما، يعنون بذلك: أنه واقع موقع ما يَجب عليه".
(٣) أخرجه البخاري (١١١٧).
(٤) يُنْظَر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٢/ ٢١٢)، حيث قال: "أجمع أهل العلم على أنَّ فرض مَن لا يطيق القيام أن يصلي جالسًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>