للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعجز عن الركوع والسجود لم يَسقط عنه القيام؛ لأنه ركن مُستقل بذاته. ونظيره: مَن عجز عن القراءة لم يسقط عنه القيام، والعكس: مَن عجز عن القيام لم تَسقط عنه القراءة؛ لأن كُلَّ ركن منها قائم بذاته.

* قوله: (وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الرُّكُعِ وَالسُّجُودِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا، وَيُومِئُ مَكَانَهُمَا (١)).

الركوع والسجود ركنان، ومع ذلك يسقطان في حال العجز، أو لحوق ضرر، وسيأتي مُفَصَّلًا إن شاء اللَّه.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، وَفِي هَيْئَةِ الجُلُوسِ، وَفِي هَيْئَةِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الجُلُوسِ وَلَا عَلَى القِيَامِ؛ فَأَمَّا مَنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: هَذَا الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ القِيَامَ أَصْلًا (٢)).

اختلفوا فيمن رُخِّص له أن يُصَلِّي جالسًا، هل هو العاجز عن القيام


(١) يُنْظَر في مذهب الأحناف: "الدر المختار" (٢/ ٩٧)، حيث قال: " (وإن قدر على بعض القيام) ولو متكئًا على عصا أو حائط (قام) لزومًا بقدر ما يقدر ولو قدر آية أو تكبيرة على المذهب؛ لأن البعض مُعتبر بالكل، (وإن تعذرا) ليس تعذرهما شرطًا، بل تعذر السجود كاف، (لا القيام أومأ) ".
وفي مذهب المالكية: "الشرح الكبير" (١/ ٢٥٨)، حيث قال: " (وأومأ) بالهمز (عاجز) عن كل أفعال الصلاة (إلا عن القيام) فقادر عليه، فيومئ من قيامه لركوعه وسجوده، ويكون الإيماء له أخفض من الإيماء للركوع".
وفي مذهب الشافعية: "مغني المحتاج" (١/ ٣٤٩)؛ حيث قال: "أو أمكنه (القيام دون الركوع والسجود) لعلة بظهره مثلًا تمنع الانحناء (قام) وجوبًا، (وفعلهما بقدر إمكانه) في الانحناء لهما بالصلب؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الصَّحيح: "إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم"، فإن عجز فبالرقبة والرأس، فإن عجز أومأ إليهما".
وفي مذهب الحنابلة: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٢٨٨)، حيث قال: " (ويُومئ بركوع وسجود) عاجز عنهما ما أمكنه، نصًّا؛ لِما تقدم، (ولجعله)، أي: السجود (أخفض) للخبر وللتمييز".
(٢) يُنْظَر: "الأوسط" لابن المنذر (٤/ ٤٣١)، حيث قال: "قالت طائفة: إذا لم يستطع أن يقوم لدنياه، فليُصل قاعدًا، كان ميمون بن مهران يقول ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>