* (ما يتعلَّق بالبكاء): كثيرًا ما يعتري الإنسان البكاء، فالإنسان بشرٌ والمؤمن له قلبٌ، وهذا القلب يختلف باختلاف الناس، فهناك مَنْ وهبه اللَّه سبحانه وتعالى قلبًا رقيقًا رحيمًا يتأثر بالمواعظ، إذا سمع آيةً تأثر بها، فإن كان الموطن موطن خوف ترى أثر ذلك واضحًا فيه، وقد يعتريه البكاء، وقد يتجاوز ذلك إلى الشهيق.
كَذَلك أيضًا من الناس مَنْ لا يتأثر بذلك، فتجد قلبه كالحجارة، وهكذا الحال بالنسبة للمواعظ، إذًا هناك بكاء، وهناك تأوهٌ، وهناك أنينٌ، فما الحكم؟
كثيرًا ما نجد أن من الأئمة مَنْ يدعو في صلاته، كما نرى ذلك في صلاة التراويح، فيغلبه البكاء، فهل هذا البكاء يُؤثِّر في الصلاة؟
العلماء فصَّلوا القول في ذلك، فقالوا:
مَنْ غلبه البكاء، فلا تأثير له؛ لأن ذلك دليلٌ على صحة القلب واستقامتِهِ وسلامتِهِ، وكلما كان المؤمن رقيق القلب متأثرًا، فإنه يعلوه البكاء في صلاته، فالإنسان قد تَمرُّ به آياتٌ تتحدَّث عمَّا يتعلَّق بعَذَاب القَبْر، وبالحشر، وبجهنم وصفاتها، فهو -بلا شكٍّ- يتأثَّر في هذه المواقف، فيَغْلبه البكاء، فمَنْ غلبه البكاء أي: سَبَقه بحيث إنَّه لا إرادة له في ذلك، فهذا لا تأثيرَ له، ولا يُؤثِّر في صلاته نقصًا.
* ونوع لا يغلبه البكاء، ولكنه يبكي، وهذا الذي يبكي لا يخلو من أمرين:
= ركع، فلم يكد يرفع، ثم رفع، فلم يكد يسجد، ثم سجد، فلم يكد يرفع، ثم رفع، فلم يكد يسجد، ثم سجد، فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، فقال: "أف أف"، ثم قال: "رب، ألم تعدني ألَّا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني ألَّا تعذبهم وهم يستغفرون؟ "، ففرغ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من صلاتِهِ، وقد أمحصت الشمس، وساق الحديث. . وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (١٠٧٩).