للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التسبيح، والتكبير، وقراءةُ القرآن" (١)، فَمِنْ هذه الأدلة وغيرها -وهي كثيرةٌ جدًّا- نَتبيَّن أن الكلامَ كان جائزًا، وأن ردَّ السلام كان يحصل أيضًا، ثمَّ جاءت بعد ذلك أدلة تمنع ذلك.

وَفِيمَا يتعلَّق بالإشارة:

جَاءَ فِي حديث صهيبٍ -رضي اللَّه عنه- أنه مَرَّ برَسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يُصلِّي قال: "فَسلَّمت عليه وكلَّمته، قال: فرد إشارةً.

قال بعض الرواة: لا أظنه إلا أشار بإصبعه (٢).

أي: أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي، فسلم صهيبٌ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو في الصلاة فرد بالإشارة.

وَجَاءَ أيضًا في حديث عبد اللَّهِ بن عُمَر -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: "جَاءَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قُبَاءٍ، فصلَّى فيها، فأقبل عليه الأنصار، فسلموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت لبلال: كيف ردَّ عليهم؟ فقال بلالٌ - قال بعد ذلك الراوي: قال يعقوب: لا أظنه إلا أشار بيده وكفه إلى أسفل" (٣).

الخُلَاصَة: أنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَّ إشارةً، وأنه جَاء في حَدِيثٍ أنه أشار بِيَدِهِ هكذا، وَبَاطن الكف إلى الأرض، وأعلاها إلى أعلى، وأنه مرةً أشار بإصبعه؛ وجاء أيضًا في حديث جابرٍ أنه مرَّ برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يصلي على الراحلة إلى غير القبلة في نَافِلَةٍ، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلمَّا


(١) تقدَّم تخريجه، وهو عن معاوية بن الحكم السلمي، وليس عن يَعْلى بن أمية.
(٢) أخرجه أبو داود (٩٢٥)، والترمذي (٣٦٧)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٨٥٨).
(٣) أخرجه أبو داود (٩٢٧)، والترمذي (٣٦٨)، ولفظ أبي داود: عبد اللَّه بن عمر، يفول: "خرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قباء يصلي فيه"، قال: "فجاءته الأنصار، فسلموا عليه وهو يصلي"، قال: "فقلت لبلال: كيف رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يردُّ عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ "، قال: "يقول هكذا، وبسط كفه"، وبسط جعفر بن عون كفَّه، وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق. وقَالَ الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود" (٨٦٠): حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>