للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذًا مَن نسي صلاة أو نام عنها ثم تذكر أو زال عنه النوم، فهل يجب عليه أن يؤدِّيَها في وقتها؟ فلو قُدِّر أنَّ هذه الصلاة هي صلاة الفجر، فهل يلزمه أن يؤدي الفرض، أو أنَّه يسبق ذلك بالركعتين المطلوبتين اللتين هما من السنن الرواتب؟ أو أنَّ له أن يؤخَر ذلك قليلًا؟

أكثر العلماء على أنَّ أدَاءَها على الفور؛ لأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "فليصلِّها إذا ذكرها"، وحتى الذين قالوا بأنَّها على التَّراخي يستحبُّون أن تؤدَّى في أول زوال العذر، بأن استيقظ النائم، أو تذكَّر الناسي.

ففي هذه الحالة كلهم متَّفقون على مشروعية أدائها في أول وقت يتذكرها، أو يزول عنه العذر. لكنهم اختلفوا: هل يؤديها مباشرة أو لا؟

وسبب الخلاف هنا أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- سهر ذات ليلة ومعه أصحابه في سفر من أسفاره، فنزلوا واديًا فناموا، فلم يدروا إلَّا بحرارة الشمس، أي: لم يوقِظْهم إلَّا حرارة الشمس، فاستشكل ذلك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذهبوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "هذا مكان حضره الشيطان"، فأمرهم أن يرتحلوا. ثُمَّ انتقل إلى مكان غير بعيد، ثم أمر المؤذن فأذن، فتوضأ، ثم بعد ذلك صلى ركعتين -أي: ركعتي الفجر- ثم صلَّى الصلاة (١).

وهذا فيه دليل آخر أنَّ بعضَ العلماء يستحبّ أن تؤدَّى الصلوات


(١) أخرجه البخاري (٣٤٤)، ومسلم (٦٨٢). عن عمران، قال: "كنا في سفر مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنا أسرينا حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حرّ الشمس، وكان أول من استيقظ فلان، ثم فلان، ثم فلان -يسميهم أبو رجاء فنسي عوف ثم عمر بن الخطاب الرابع- وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ؛ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلمَّا استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلًا جليدًا، فكثر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: "لا ضير -أو لا يضير- ارتحلوا"، فارتحل. . . الحديث".

<<  <  ج: ص:  >  >>