للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفوائت جماعة؛ لأنَّ الرسول هنا صلاها جماعة في أصحابه، وهذه لم يعرض لها المؤلف (١).

فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فليصلها إذا ذكرها"، "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان ويتضمن الشرط (٢)، إذًا "فليصلها" وقت ذِكرها لزومًا "لا كفارة لها إلا ذلك". لذلك بعض العلماء استدلُّوا بالحديث الذي ذكرنا، وأنَّه لو أخَّرها لا يضرُّ. لكنهم جميعًا -حتى الذين يقولون بعدم وجوب المباشرة- يرون أنَّ ذلك جائز.

إذًا الأولى فيمَن نام عن صلاة أو نسيها أن يصليها إذا ذكرها حتى يخرج من الخلاف في ذلك.

أما حكم من يتعمَّد تأخير الصلاة عن وقتها، فاللَّه سبحانه وتعالى يقول: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٤، ٥] ويقول سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].

إذًا لا ينبغي للمؤمن أن يتساهل في الصلاة ولا مواقيتها؛ لأن الوقت شرط من شروط صحَّة الصلاة، ولا يجوز لمسلم غير معذور، لا يريد الجمع بين الصلاتين، أو ليس من أهل الأعذار أن يؤخِّر الصلاة فيفوتها عن وقتها؛ لذلك بيَّنَ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يتعلَّق بهذا الموضوع، فقال عليه الصلاة والسلام: "ليس في النوم تفريط، إنَّما التفريط أن يُؤخّر وقت الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى" (٣).


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٤٤٠). حيث قال: "ويستحبُّ قضاء الفوائت في جماعة؛ فإن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الخندق فاته أربع صلوات فقضاهن في جماعة".
(٢) يُنظر: "شرح المفصل" لابن يعيش (٣/ ١٢١). حيث قال: "وأما "إذا"، فهي اسم من أسماء الزمان أيضًا، ومعناها المستقبل، وهي مبنية لإبهامها في المستقبل، وافتقارها إلى جملة بعدها، توضحها وتبينها كما كانت الموصولات. . مضافًا ذلك إلى ما فيها من معنى الشرط، فبنيت كبناء أدوات الشرط، وسكن آخرها؛ لأنه لم يلتق فيه ساكنان. . ".
(٣) أخرجه مسلم (٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>