للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "فإن لم تجد؟ "، قال: أجتهد رأيي ولا آلوا جهدًا (١). وهذا الحديث وإن خالف فيه البعض، فإنَّ العلماء قد تلقَّوه بالقبول من حيث المعنى. والأدلة في ذلك كثيرة.

إذًا القياس ثابت، والقياس -كما تعلمون- قياس علَّة، وذلك أمر أدلَّتُه واضحة وبيِّنة، واستقراء الأدلة تدل عليه. وهناك قياس الشبه (٢)، وهو القياس الضعيف، وفيه كلام معروف للأصوليين (٣).

أمَّا دعوى أنَّ القياس أصله غير مشروع، فهذا كلام غير صحيح، وباطل من أوَّله.


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٢) عن أناس من أهل حمص، من أصحاب معاذ بن جبل، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ "، قال: أقضي بكتاب اللَّه، قال: "فإن لم تجد في كتاب اللَّه؟ "، قال: فبسنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا في كتاب اللَّه؟ " قال: أجتهد رأيي، ولا آلو فضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صدره، وقال: "الحمد للَّه الذي وفق رسول، رسول اللَّه لما يرضي رسول اللَّه"، وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٨٨١).
(٢) قياس الشبه ويسمى: الخفي هو: أن يتردد فرع بين أصلين له شبه بكل واحد منهما، وشبه بأحدهما أكثر فيرد إلى أكثرهما شبها به. يُنظر: "رسالة في أصول الفقه" للعكبري (ص ٧١).
(٣) يُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤). حيث قال: "واختلفت الرواية عن أحمد رحمه اللَّه في قياس الشبه: فروي: أنه صحيح. والأخرى: أنه غير صحيح، اختارها القاضي، وللشافعي قولان كالروايتين". وانظر: "شرح مختصر الروضة" للطوفي (٣/ ٤٣٣).
ويُنظر: "الإحكام" لابن حزم (٧/ ٢٠٠). حيث قال: ثم اختلفوا في هذا النوع من القياس فقالوا هو على الصفات الموجودة في العلة وذلك مثل أن يكون في الشيء خمسة أوصاف من التحليل وأربعة من التحريم فيغلب الذي فيه خمسة أوصاف على الذي فيه أربعة أوصاف، وقال آخرون منهم وهو على الصور كالعبد يشبه البهائم في أنه سلعة متملكة، ويشبه الأحرار في الصور الآدمية، وأنه مأمور منهي بالشريعة". وانظر: "العدة في أصول الفقه" لأبي يعلى (٤/ ١٣٢٥)، و"اللمع في أصول الفقه" للشيرازي (ص ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>