للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قياس العامد على الناسي وإضعافه، فالتعليل هو الذي ذكره المؤلف، فالمعروف في أحكام الشرع أنَّ مَن يترك أمرًا متعمدًا يغلظ عليه، وأنَّ الناسي والنائم، أو أهل الأعذار عمومًا غالبًا ييسر عليهم ويخفف عنهم، فكأنَّه بذلك قد وجد نوعًا من التغليظ.

فكما ذكر المؤلف: إذا كان القصد من ذلك هو التغليظ، فحينئذٍ يبقى القياس سائغًا، وإن لم يكن القصد هو التغليظ فلا يكون سائغًا. هذا هو كلامه.

ولكننا نقول: أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نبَّه بالأدنى ليدخل في ذلك الأكثر، فيدخل بالأولى في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن نام عن صلاة أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها"، مَن ترك الصلاة متعمدًا، مثل قصة الرجل الذي جامع في نهار رمضان ولم يسقط عنه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صيام ذلك اليوم.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ القَضَاءُ عَلَى النَّاسِي الَّذِي قَدْ عَذَرَهُ الشَّرْعُ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، فَالمُتَعَمِّدُ أَحْرَى أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ - أَوْجَبَ القَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ النَّاسِيَ وَالعَامِدَ ضِدَّان، وَالأَضْدَادُ لَا يُقَاسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ إِذْ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ).

كما يقولون: الضِّدان لا يجتمعان.

* قوله: (وَإِنَّمَا تُقَاسُ الأَشْبَاهُ، - لَمْ يُجِزْ قِيَاسَ العَامِدِ عَلَى النَّاسِي، وَالحَقُّ فِي هَذَا أَنَّهُ إِذَا جُعِلَ الوُجُوبُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ كانَ القِيَاسُ سَائِغًا. وَأَمَّا إِنْ جُعِلَ مِنْ بَابِ الرِّفْقِ بِالنَّاسِي وَالعُذْرِ لَهُ، وَأَنْ يَفُوتَهُ ذَلِكَ الخَيْرُ، فَالعَامِدُ فِي هَذَا ضِدُّ النَّاسِي، وَالقِيَاسُ غَيْرُ سَائِغٍ).

ومن المعلومِ باستقراءِ أدلَّة الشَّرع: أنَّ العاصي ومَن يتساهلُ في الأمور لا يخفَّف عنه، وقد مر ذكر قصر الصلاة في السفر، والجمع بين

<<  <  ج: ص:  >  >>