للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينبغي للمسلم أن يعرف مثل هذه الأحكام التي تطرأ كثيرًا، فبعض الناس يجهل هذه الأحكام اليسيرة، وربما تُفسِد عليه صلاته. وبعض الإخوة أيضًا قد يحصل له مثل هذا النوع أو غير ذلك، فيجتهد فيها دون أن يسأل، وقد يخطئ في اجتهاده، لأنَّ اجتهاده مبني على غير علم، وينبغي أن تكون أدلة الاجتهاد دائمًا متوفِّرة.

* قوله: (فَإِنَّ مِنْ شُرُوطِهِ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ التَّرْتِيبَ) (١).

من المعلوم أنَّ الصلوات مرتبة، فكل صلاة لها وقت محدد، فلا يجوز أن تُصلَّى صلاة الظهر قبل الفجر، ولا العصر قبل الظهر، ولا المغرب قبل العصر، ولا العشاء قبل المغرب. هذا بالنسبة للصلوات المؤدَّاة، فهل هذا الأداء يسري على القضاء؟ وأوقات الصلوات أزمان تؤدَّى فيها الصلاة، أي: يجب أداء الصلاة فيها. فإذا ما فاتت صلاة من الصلوات هل تُرتَّب بالأولى فالتي تليها وهكذا، أو تُصلَّى على أيِّ حال؟ هذا هو الذي يريد أن يشرع فيه المؤلف.

اختلف العلماء في هذه المسألة، فهناك من أوجب الترتيب في المقضيَّات مطلقًا، حتى نصَّ بعضهم: ولو بلغت سنتين، كما نقل عن الإمام أحمد (٢).

فإذا كثُرَت المقضيات على إنسان أُمِر بقضائها عند الجمهور، لكن كيف يقضيها؟ قالوا: يقضيها إلَّا أن تلحقه مشقّة في بدنه أو في نفسه؛ أو يترتب على ذلك ضرر يصيبه في ماله، بأن ينقطع عن طلب المعيشة والإنفاق على أولاده، وعن الضرب في الأرض، وعن العناية بماله، والاهتمام به، والأمور التي ينبغي له أن يهتم بها. فإذا لحقه ضرر بَيِّن، وجب عليه حينئذ أن يتوقَّاه.


(١) سيأتي ذكر مذاهبهم في ذلك تفصيلًا.
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٤٣٥). حيث قال: "إذا ثبت هذا، فإنه يجب الترتيب فيها وإن كثرت، وقد نصَّ عليه أحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>