للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلِّيَها حتى غربت الشمس. فذكر ذلك لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واللَّه ما صليتها" (١).

إذًا لم يصلِّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم أمر بالصلاة فأُقِيمت، فصلَّاها بعد أن غربت الشمس، ثم صلَّى صلاة المغرب. والشاهد هنا: أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد صلى الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء. وهذا الحديث كثير من العلماء صحَّح سنده (٢)، وهناك مَن تكلم فيه! (٣).

لكن حديث جابر في قصة عمر، وهو في الصحيحين، ليس محل نقاش، وهو أيضًا نصُّ في هذه المسألة، حيث صلَّى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة العصر بعد المغرب. إذًا قد أدَّاها في غير وقتها، ثم بعد ذلك قام فصلى صلاة المغرب (٤).

قد أشرنا من قبل إلى المسائل التي وقع فيه اختلاف بين العلماء، وكذلك ما فيه خلاف في الجزئيات التي عرضنا لها، فهذه المسألة التي تتعلق بترتيب الحاضرة مع الفائتة، أو ترتيب الفوائت بعضها مع بعض؛ فمن العلماء مَن أوجب الترتيب؛ ومنهم مَن رأى وجوب الترتيب بين الحاضرة والمقضية، وبين المقضيات جميعًا، فتقَدَّم الصلاة حسب تقدُّمها على الأخرى. ولم يروا فرقًا بين أن تكون الصلوات التي فاتت المصلي


(١) أخرجه البخاري (٥٩٦).
(٢) وصححه الألباني في "صحيح النسائي" (٦٣٨).
(٣) يُنظر: "المجموع" للنووي (٣/ ٦٩). حيث قال: "وأما حديث فوات أربع صلوات يوم الخندق فرواه الترمذي والنسائي من رواية أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود عن أبيه وأبو عبيدة لم يسمع أباه فهو منقطع لا يحتج به". وضعفه كذلك الشيخ أحمد شاكر في حاشيتة على "مسند الإمام أحمد" (٣٥٥٥).
(٤) أخرجه البخاري (٦٤١) ومسلم (٦٣١) عن جابر بن عبد اللَّه: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق، فقال: يا رسول اللَّه واللَّه: ما كدت أن أصلي، حتى كادت الشمس تغرب، وذلك بعدما أفطر الصائم، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "واللَّه ما صليتها" فنزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى بطحان وأنا معه، فتوضأ ثم صلى -يعني: العصر- بعدها غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>