للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة أو قليلة، فلا يختلف وجوب الترتيب عندهم باختلاف العدد المتروك، بل يرى هؤلاء أنَّ الترتيب واجب مهما كثر عدد الصلوات الفائتة.

ومن العلماء مَن يرى أنَّ الترتيب بين الحاضرة والفائتة أو بين المقضيات واجب ما لم تتجاوز صلوات اليوم والليلة، ألا وهي الخمس صلوات.

وقد مرَّ أنَّ هذا هو -القول الأخير- مذهب الإمامين: مالك وأبي حنيفة، ونقل أيضًا عن بعض العلماء، وأنَّ الأول الذي يوجب الترتيب مطلقًا هو مذهب الحنابلة، وأنَّ الشافعية لا يرون الترتيب في هذا المقام، وإنَّما يستحبُّونه، فلو قدَّم إنسأل مقضية على حاضرة، أو قدَّم مقضية على مقضية تسبقها؛ فإنَّ ذلك لا يؤثَر على الصلاة، ولا تبطل عندهم، بخلاف مَن سبقهم من العلماء وهم الجمهور؛ فإنَّهم يرون تأثير ذلك على صحَّة الصلاة.

فلو أنَّ إنسانًا نسي صلاة أو أكثر، ثم جاء ليؤدِّيَ الصلاة المفروضة، هل يبدأ بصلاة الوقت أو لا؟

تكلَّم العلماء في هذه المسألة: فمنهم من قال بعدمِ التَّفريق، وهم الشافعية، أي: لا فرق إن قدَّم المقضية أو الحاضرة، فلا ضرر إن صلَّى الحاضرة أو المقضية في أوَّل الوقت أو في آخره (١).

ومنهم من قال: يجب تقديم الحاضرة إذا ضاق الوقت، أمَّا إذا كان في الوقت اتِّساع فلا ينبغي أن تُقدَّم الحاضرة على الفائتة، بل تُتْرَك الحاضرة إلى آخر الوقت، بحيث يبقى جزء من الوقت تؤدَّى فيه (٢).


(١) يُنظر: "المجموع" للنووي (٣/ ٧٠). حيث قال: "وإن ترك الترتيب أو قدم المؤداة على المقضية أو قدم المتأخرة على الفوائت جاز".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي. حيث قال: " (فإن خشي فوات الحاضرة، أو) خشي (خروج وقت الاختيار؛ سقط وجوبه)، أي: ما ذكر من الفور والترتيب (فيصلي الحاضرة إذا بقي في الوقت قدر فعلها، ثم يقضي) الفائتة؛ لأن الحاضرة آكد، بدليل أنه يقتل بتركها، بخلاف الفائتة ولئلا تصير الحاضرة فائتة".

<<  <  ج: ص:  >  >>