فلو أنَّ إنسانًا وجد الناس يصلُّون فدخل معهم في الصلاة، فلا يخلو من أمرين عند هؤلاء:
الأول: أن يصلِّي هذه الصلاة ناويًا بها قضاء إحدى الفوائت، وهذا يكفيه، ولا يتعلَّق بذلك سوى اختلاف نية الإمام عن المأموم.
ولكن إن قائل: إنَّما جُعِل الإمام ليؤتمَّ به، فهل إذا ما اختلفت نية الإمام عن المأموم يكون لها تأثير على الصلاة؟
وزيادة في التوضيح: لو كان الإمام يصلِّي فرضًا وهذا المأموم يصلِّي نفلًا، أو كان الإمام يصلِّي نفلًا كصلاة معاذ -رضي اللَّه عنه- والناس وراءه يصلون الفريضة، فهل هذا يؤثر أم لا؟
الجواب: الصحيح أنَّ ذلك لا تأثير له على صحة الصلاة، وإن كانت المسألة فيها خلاف.
إذًا مَن يرى وجوب الترتيب يرى أن يُصلَّى مع الجماعة بنية قضاء فائتة من الفوائت، ثم بعد ذلك في آخر الوقت تُصلَّى الصلاة الحاضرة التي لا يزال وقتها قائمًا، ولا ينبغي له أن يفوِّتها. وهذه هي الصورة الأولى.
الثانية: أن يدخل الإنسان في صلاة من الصلوات، ثم يتذكَّر وهو يصلِّي أنَّه قد نسي صلاة أو أكثر، فما الذي يفعله في هذه الحالة؟
من العلماء مَن يوجب قطع الصلاة كالمالكية (١)، ومنهم مَن لا يرى الوجوب، لأنَّ المالكية يرون أنّ وجوب الترتيب مطلقًا في هذه الحالة، فيجب على مَن فى دخل في صلاة حاضرة أن يقطعها، وأن يشرع في الصلاة الفائتة التي يجب عليه أن يقضيها، ثم بعد ذلك يؤدي الصلاة الحاضرة.
وأمَّا الذين قالوا بوجوب الترتيب وهم الحنابلة، فقد قالوا: عليه أن
(١) يُنظر: "الشرح الصغير" للدردير (١/ ٣٦٨). حيث قال: " (وإن ذكر) المصلي (اليسير) من الفوائت وهو (في فرض) ولو صبحًا أو جمعة -فذا أو إمامًا أو مأمومًا- (قطع فذ) صلاته (و) قطع (إمام) وجوبًا فيهما (و) قطع (مأمومه) تبعًا له، ولا يجوز له إتمام بنفسه ولا باستخلاف".