للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك يخالِفُ الحنابلةُ المالكية في هذه المسألة، فالحنابلة يقولون: إن خشي خروج وقت الحاضرة فإنَّه يؤدي الحاضرة؛ لأنَّ وقتها لا يزال قائمًا، أمَّا الفائتة فقد مضى وقتها. لكن المالكية يقولون: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: "مَن نامَ عن صلاة أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها" (١)، وهنا قد ذكرها فهذا هو وقتها، فيجب أن تؤدَّى وأن تقدَّمَ على غيرها ضاق وقت الحاضرة أو اتَّسع.

* قوله: (حَتَّى إنَّهُ قَالَ: إِنْ ذَكَرَ المَنْسِيَّةَ وَهُوَ فِي الحَاضِرَةِ فَسَدَتِ الحَاضِرَةُ عَلَيْهِ) (٢).

أي: يرى المالكية أنَّه لو تذكر المنسيَّة وهو في حاضرة فإنَّ صلاته تبطل، ويلزمه أن يؤدِّيَ الفائتة ثم يعود بعدَ ذلك فيؤدِّي الصلاة الحاضرة.

* قوله: (وَبِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣)، وَالثَّوْرِيُّ) (٤).

أبو حنيفة والثوري مع مالك جملةً، لكنَّهما يخالفان مالكًا في التفصيل فيما يتعلَّق بالنَّاسي، وقد يُشير المؤلف إلى ذلك.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الشرح الصغير بحاشية الصاوي" للدردير (١/ ٣٦٨). حيث قال: " (وإن ذكر) المصلي (اليسير) من الفوائت وهو (في فرض) ولو صبحًا أو جمعة -فذا أو إمامًا أو مأمومًا- (قطع فذ) صلاته (و) قطع (إمام) وجوبا فيهما (و) قطع (مأمومه) تبعا له، ولا يجوز له إتمام بنفسه ولا باستخلاف".
(٣) يُنظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (١/ ١٨٦). حيث قال: " (الترتيب بين الفائتة والوقتية وبين الفوائت مستحق)،. . . . (ويسقط)، أي: الترتيب (بضيق الوقت والنسيان وصيرورتها ستًّا) ".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٣٣٩). حيث قال: "فجملة قول مالك. . . ومن نسي صلاة فذكرها في آخر صلاة فإن كانت المذكورة صلاة واحدة أو اثنتين أو أربعًا وقد قيل أو خمسة بدأ بها وإن كان فات وقت الذي حضر وقتها وإن كانت ستة صلوات أو أكثر بدأ بالتي حضر وقتها ثم صلى الفوائت وعلى هذا مذهب أبي حنيفة والثوري. . . "

<<  <  ج: ص:  >  >>