للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الجَمْعِ، وَإِنَّمَا صَارَ الجَمِيعُ إِلَى اسْتِحْسَان التَّرْتِيبِ فِي المَنْسِيَّاتِ).

الذي يظهر لي فيما أعلم من مذهب المالكية أنَّ وجهة نظرهم في ذلك أنَّ النسيان غير معتبَر هنا، فلو نسي ركنًا لما سقط عنه هذا الركن، ولو نسي شرطًا كذلك. لكن النسيان يؤدَّى.

وهناك مَن يرى أنَّ الناسى يُعذَر، ولا تبطل صلاته، وهناك من يرى أنَّها تبطل.

إذًا أجمع العلماء أن للناسي أحكامًا يعفى عنه فيها، وأحكامًا محل خلاف، وأحكامًا مجمع على ألَّا يُعذرَ فيها.

إذًا لا نفهم أنَّ الناسي أو المكره إنَّما تسقط عنه جميع الأمور لعذر له. ولذلك يفصلون في موضوع المكره؛ فلو أنَّ إنسانًا أُكرَه على عمل من الأعمال، كقتل إنسان ليس له أن يقتله (١)؛ لأنَّه ليس له أن يُذْهِب مهجة غيره ليحفظ مهجته (٢)، كذلك لو طلب منه وضع السيف على رقبته، وطلب


(١) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ١٨٣). حيث قال: "أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولا يحلُّ له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة".
(٢) لمذهب الحنفية، يُنظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (٢/ ٤٣٣). حيث قال: "إن أكره (على قتله)، أي: قتل غيره (أو قطع عضوه) بالقتل أو القطع (لا يرخص) له في ذلك بل يلزم الصبر عليه فإن قتله أثم؛ لأن قتل المسلم حرام لا يباح لضرورة ما".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الصاوي" (٢/ ٥٤٩) حيث قال: "لو قال لك ظالم إن لم تقتل فلانًا. أو تقطعه قتلتك فلا يجوز ذلك، ويجب عليه أن يرضى بقتل نفسه، وإن قتل غيره أو قطعه من أجل الخوف على نفسه اقتصّ منه".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٢٥٨). حيث قال: " (ولو) (أكرهه على). . (قتل) لشخص بغير حق كاقتل هذا وإلا قتلتك فقتله (فعليه)، أي: المكره بالكسر ولو إمامًا أو متغلبًا، ومنه آمر خيف من سطوته لاعتياده فعل ما يحصل به الإكراه لو خولف فأمره كالإكراه (القصاص) وإن كان المكره نحو مخطئ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>