فإنَّه ينوي أنَّ هذه الصلاة التي مع الإمام إحدى الفوائت، ثم بعد ذلك يصلِّي الحاضرة في آخر وقتها خشية أن يخرج عليه الوقت؛ لأنَّه لو اعتبر التي مع الإمام هي الحاضرة لقدَّمها على المقضيات مع وجود وقت يمكنه أن يؤدِّي فيه بعضًا من الصلوات الواجب قضاؤها، فكأنَّه لم يرتّب هنا، والترتيب واجب. فلننتبه لذلك.
وبعض العلماء -وإن كان قول قليل- يرى أنَّه لو صلَّى مع الإمام اعتبر هذه الصلاة الحاضرة ولا يضرّ تقديمها؛ لأنَّه أدَّاها في وقتها، لكن الأسلم في ذلك والأحوط هو أن يؤخِّر الحاضرة إلى آخر وقتها (١).
ولكن لا ينبغي أن يتخذ الإنسانُ نسيان بعض الصلوات ذريعة لترك الجماعة.
* قوله:(فَإِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ) هذه مسألة عرضنا لها عندما تكلمنا عن صلاة الخوف. ومن المعلوم أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قضى عدة صلوات وكانوا في حالة خوف، واللَّه -سبحانه وتعالى- قد وصف حالهم ذلك وصفًا في سورة الأحزاب فقال -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١)} [الأحزاب: ١٠، ١١] إلى آخر الآيات.
إذًا هم في حالة ابتلاء وامتحان، فالأعداء يحيطون بهم كالمعصم، فقد كانوا في حالة خوف وفزع. ولذلك قال العلماء: هذه الصلاة التي أدَّاها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قضاء مرتب يوم الخندق، وهي حجة لأبي يوسف