للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمزني؛ الذين يقولون بأنَّ صلاة الخوف -كما عرفتم فيما مضى- غير مشروعة، وإنَّما هي خاصة، ذاك في أول الأمر (١).

ويقول بعض العلماء: إنَّ ذلك قد نُسِخ، أي: ما في وقعة الأحزاب في صلاة الخوف التي ذكرها اللَّه -سبحانه وتعالى- في كتابه، والتي تكلمنا عنها فيما مضى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: ١٠٢].

* قوله: (وَأَيْضًا، فَإِنَّهُ كَانَ تَرْكًا لِعُذْرٍ، وَأَمَّا التَّحْدِيدُ فِي الخَمْسِ فَمَا دُونَهَا فَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ).

يعجبني عِلمُ المؤلف -رحمه اللَّه-، ونعلم أنَّ مؤلف هذا الكتاب وقع في أخطاء، والعلماء مختلفون فيه بين مثبت لذلك وبين متردد، وقد درسنا هذا الكتاب وعرفناه حق المعرفة، فلم نجد على المؤلف مأخذًا فيه من حيث المعتقد في هذا الكتاب خاصة، كما أننا وجدناه منصفًا؛ فهو هنا يناقش مذهبه، ويدافع عن الحق، وهو بذلك يضعف مذهب المالكية؛ المذهب الذي ينتسب إليه؛ لأنَّه تعلمه وترعرع (٢) فيه، ونشأ وتوغل (٣) في أعماق هذا المذهب، ومع ذلك نرى أنَّه يخالف المذهب في كثير من المسائل، وإن لم يرجح في كل مسائل كتابه، لكنَّه عندما يرجِّح وفق الدليل، ولكن يؤخذ عليه أنَّه لا يقف في بعض المسائل على كل ما ورد فيها من النصوص، فيحصل تقصير النَّتيجة عدم إلمامه بما ورد في المسألة من أدلة، وبخاصة الأدلة النقلية.

نقد المؤلف مذهبه وأُخِذ عليه ذلك، وبلا شك نقد المؤلف في


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٩٧). حيث قال: "وجمهور العلماء متفقون على أن حكمها باق بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أبو يوسف: إنما كانت تختص بالنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء: ١٠٢] ".
(٢) ترعرع الصبي، أي: تحرك ونشأ. يُنظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ١٢٢٠).
(٣) أوغل القوم وتوغلوا، إذا أمعنوا في سيرهم. يُنظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (٥/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>