للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يندرج تحت القاعدة الفقهيَّة التي تقول: "إِذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَقْصُودُهُمَا، دَخَلَ أَحَدُهُمَا فِي الآخَرِ غَالِبًا" (١).

فَهَذِهِ قاعدةٌ فقهيَّةٌ مشهورةٌ، وبعض الفقهاء يُقرِّرُها بأسلوبٍ آخَرَ، فيقول: "إِذَا اجْتَمَعَتْ عِبَادَتَان مِنْ جِنْسٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا مَفْعُولَةً عَلَى جِهَةِ القَضَاءِ، وَلَا عَلَى جِهَةِ التَّبَعِيَّةِ لِلأُخْرَى، تَدَاخَلَتْ أَفْعَالُهُمَا، وَاكْتُفِيَ فِيهِمَا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ" (٢).

فَلَوْ أنَّ إنسانًا نسي صلاة ظهر الأمس، ثم تذكرها في وقت صلاة ظهر اليوم، فصلاة الظهر لهذا اليوم لا لكفيه لأداء الحاضرة وقضاء الفائتة، لأنه كما في الحديث الصحيح: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ" (٣)، ولأن الصَّلاة ركنٌ لا يَسقُطُ بالنِّسْيان، ولذلك تجد العلماء قد قَيَّدوا ذلك بعَدَم كون إحدى العبادتين مَفعُولَةً على جهة القضاء.

وكَذَلكَ على سبيل المثال: السنن الرواتب لا تتداخل مع الصلوات المفروضة.

لكن تحية المسجد -مثلًا- تتداخل مع صلاة الفريضة، فلو أنَّكَ جئتَ، فَوَجدْتَ الصلاة قَدْ أقيمت، ولم تُدْرِك تحيةَ المسجد، فَكَثيرٌ من العلماء نَصَّ (٤) على أنَّ صلاة الفريضه حِينَئذٍ تُغْنِيكَ عن تحية المسجد،


(١) يُنظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص ١١٢) حيث قال: "القاعدة الثامنة: إذا اجتمع أمران من جنسٍ واحدٍ، ولم يختلف مقصودهما دخل أحدهما في الآخر غالبًا". وانظر: "الأشباه والنظائر" للسبكي (١/ ٩٥).
(٢) يُنظر: "قواعد ابن رجب" (١/ ١٤٢) حيث قال: "إذا اجتمعت عبادتان من جنسٍ في وقتٍ واحدٍ ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت؛ تداخلت أفعالهما، واكتُفِيَ فيهما بفعلٍ واحدٍ".
(٣) أخرجه مسلم (٦٨٠).
(٤) مذهب الحنفية: يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ١٣٣) حيث قال: "فالفرض ينوب عن تحية المسجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>