للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى أن تحيَّة المسجد تدخل فيها، ومن المعلوم أن الداخل إلى المسجد مُطالَمب بأداء رَكعَتَيْن؛ لقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكعَتَيْنِ" (١).

وكَذَلك تَتدَاخلُ تكبيرة الإحرام، فلو دخلتَ في الصلاة، وَكَان الإمامُ قَدْ رَكَعَ، وَفَاتَتْكَ تَكْبيرة الإحْرَام، فنويت بتكبيرتك تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، تداخَلَت وأجزَأَتْكَ.

فَهَذا الكلامُ يَنْطبق على قياس الأحناف والمالكية الوضوءَ على غُسْل الجَنابة في قَوْلهم بعَدَم وُجُوب الترتيب، لأنَّ هناك فرقًا ظاهرًا بين العبادتين، فلو أن الجُنُبَ صَبَّ الماءَ على رأسه، فسال على بدنه، كان ذلك مُعتَبَرًا، بخلاف المتوضئ أنه لو سال الماء من وجهه على يده لم يُعتَبَر هذا؛ ولهذا قال الشافعية والحنابلة: إن هذا قياسٌ مع الفارق (٢).

(وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ المَسْنُونِ وَالمَفْرُوضِ مِنَ الأَفْعَالِ قَالَ: إِنَّ التَّرْتِيبَ


= ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٢/ ٥) حيث قال: "إذا صلى صلاةً، أجزأته عن تحية المسجد في القيام مقامها".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٤٥٦) حيث قال: "وتحية المسجد ركعتان، وتحصل بفرضٍ أو نفلٍ آخر".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٤٦) حيث قال: " (وتجزئ راتبة وفريضة، ولو) كانتا (فائتتين عنها)، أَيْ: عن تحية المسجد لا عكسه".
(١) أخرجه البخاري (٤٣٣)، ومسلم (٧١٤).
(٢) مذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ١٢٣) حيث قال: "وترتيب الوضوء مستحبٌّ غير مستحقٍّ خلافًا للشافعي؛ لقَوْله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} وواو النسق للجمع دون الترتيب، ولأنها طهارة شرعية كالغسل".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٤٢) حيث قال: "وأما الجواب عن قياسهم على الغسل من الجنابة، فَهو أن جميع البدن في الجنابة بمنزلة العضو الواحد في الوضوء، وليس في العضو الواحد ترتيب، فكذلك في بدن الجنب، وإنما الترتيب في الأشياء المتغايرة". وانظر: "المجموع" للنووي (١/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>