للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (أَعْنِي: أَنَّهُ يَفُوتَ المَأْمُومَ بَعْضُ صَلَاةِ الإِمَامِ).

وهذا يحصل لكلِّ مسلم، فقد ينام ولا يستيقظ إلَّا وقد أُقِيمت الصلاة، وقد يُحْدِث فيحتاج إلى أن يتطهر فيفوته جزء من الصلاة، وهذا ليس عيبًا، فالرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وضَعَ لنا منهجًا واضحًا في هذا فقال: "إذا سمعْتُم الإقامة فأْتُوا إليها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا" (١)، وفي رواية: "فاقْضوا" (٢).

فإذا سمعْتَ الإقامَة فلا تسرع؛ لأنَّك وأنت متَّجِهٌ إلى الصلاة مثابٌ على عملك، فكلُّ خطوة تخطوها لك بها حسنة، فالمتَّجه إلى الصلاة في حكم المصلي، "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا".

والعلماء وإن وُجِد منهم مَن يقول بالإسراع إلى الصَّلاة عملًا بقول اللَّه تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨]، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣]. فالحديث نصٌّ في المسألة، وتلك الآيات عامَّة.

والخلاف أكثر بالنسبة لصلاةِ الجمعة؛ لأنَّها تدرك بإدراك ركعة، فلو أدرَكَ الإنسانُ أقل من ركعة فعليه أن يتمَّهَا ظهرًا، لكن لو أدرك منها ركعة واحدة فقد أدرك الجمعة (٣).


= حيث قال: " (فتبطل بكثيره). . . (والكثرة) والقلة (بالعرف). . . (والثلاث) من ذلك أو غيره (كثير إن توالت) سواء أكانت من جنس الخطوات أم أجناس كخطوة وضربة وخلع نعل، وسواء أكانت الخطوات الثلاث بقدر خطوة واحدة أم لا. . ".
(١) أخرجه البخاري (٩٠٨). بلفظ: "إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون، عليكم السكينة، فما أدراكم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". .
(٢) أخرجه أبو داود (٥٧٢). وصححه الألباني. في "التعليقات الحسان" (٢١٤٢).
(٣) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (١/ ١٦٤). حيث قال: "وأجمعوا أن من أدرك ركعة من ركعتي صلاة الجمعة، ولم يدرك الأولى؛ لأنه لم يأت والإمام فيها، أو لأنه كان حاضرًا فمنعه من التكبير مع الإمام قبل فراغه من الركعة الأولى مانع، أنه يضيف إلى تلك الركعة التي أدرك مع الإمام أُخرى، وتجزئه عن الجمعة، إلا عطاء بن أبي رباح، فإنه قال: لا يجزئ أحدًا دخل مع الإمام بعد فراغه من الخطبة صلاته معه الجمعة، ولكن يصلي وحده الظهر أربعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>