للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض العلماء -كابن حجر- يقول: "وهذا كان قولًا في الصدر الأول" (١)، بمعنى: أنَّ هذا القول ليسَ محلّ خلاف، وإن نُسب إلى أبي هريرة، ولكن هذا أمر يحتاج إلى تثبُّت، ففرق بين أن يقول الصحابيُّ قولًا يرفعه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيكون قولًا له، وبين أن يكون رأيًا له؛ وكما هو معلوم أنَّ أبا هريرة خالف أيضًا في القراءة وراء الإمام، والصحابة يختلفون، وربما يبلغ بعضهم ما لم يبلغ الآخر، وإذا كان هذا بشأن الصحابة، فما بالك بمن جاء بعدهم، وما بالك بما نحن فيه الآن في هذا الوقت.

* قوله: (وَالقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ الآخَرِ، وَقَدْ رَفَعَ الإِمَامُ رَأْسَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْ بَعْضُهُمْ، فَأَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجْزِيهِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَئِمَّةٌ لِبَعْضٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ).

هذا يرجعُ إلى قضية الاهتمامِ؛ فهناك أحاديث مرت بنا، عندما تحدثنا عن اقتداء المأموم بالإمام؛ منها قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه: "إِنَّما جُعِلَ الإمام ليُؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه؛ فإذا كبَّر فكبروا" (٢)، وفي رواية: "ولا تكبِّرُوا حتى يكبِّر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجُدوا" إلى أن قال: "وإذا صلى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا


= وهو مذهب الظاهرية أيضًا، ويُنظر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ٢٧٤). حيث قال: "فإن جاء والإمام راكع فليركع معه، ولا يعتد بتلك الركعة؛ لأنه لم يدرك القيام، ولا القراءة؛ ولكن يقضيها إذا سلم الإمام".
(١) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١١٩). حيث قال: "واستدل به على أن من أدرك الإمام راكعًا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته؛ لأنه فاته الوقوف والقراءة فيه وهو قول أبي هريرة وجماعة، بل حكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام واختاره بن خزيمة والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين".
(٢) أخرجه مسلم (٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>