للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد المؤلِّف أن يقول: الرَّكعة فيها قيام، وقراءة، وركوع، وسجود، وفيها جلسة بين السجدتين، ثُمَّ بعد ذلك القيام للركعة الثانية؛ فالرَّكعة تتكون من عدَّة أشياء؛ فهل إذا أدرك المأموم الإمام راكعًا، يكون مدركًا للركعة؟ لأنه بهذه الحالة سيدرك جزءًا من القيام، فيكون قد أدرك القيام، وسقطت القراءة عنه في هذه الحالة؛ لأنَّ القراءة، قراءة الفاتحة ركن، ولا تسقط إلَّا في حالة العجز عنها، كأن لا يستطيع أن يتكلَّم، حتى نجد أنَّ من العلماء مَن يخالف في هذه المسألة، فيقولون: إذا كان لا يستطيع أن يقرأ، فهل يلزمه أن يحرِّكَ لسانه؟ هذا قول لبعض العلماء، وإن كان الصَّحيح أنَّ ذلك لا يُجزئ، لأنَّهم يقولون: اللِّسان وسيلة للواجب، لا يمكن أن يؤدَّى الواجب إلَّا به، فإذا ما استطاع أن يؤدِّيَ الواجب، فهل يؤدي الوسيلة؟ كذلك الإنسان لو وُلِدَ ليس له شعر، فهل يلزم في الحج إمرار الموس على رأسه؟ وهذه من المسائل التي تكلم عنها العلماء.

واللَّفظ الذي جاء به المؤلِّف هو لفظ مسلم، وأمَّا اللفظ المتَّفق عليه، هو لفظ البخاري: "مَن أدرك ركعةً من الصلاة؛ فقد أدرك الصلاة" (١)، وقد ترجمَ البخارِيُّ للبابِ بهذا: (منْ أدركَ من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)، ثم جاء بالحديث المتفق عليه بينه وبين مسلم: "مَن أدرك ركعةً من الصلاة، فقد أدرك الصلاة"، جاء بالحديث، لكنَّه في الترجمة قال: (من أدرك من الصلاة ركعة)، وبذلك لو أنَّ إنسانًا درسَ صحيح البخاريِّ بدقَّة، لوجد أنَّ في جميع تراجمه فقهًا؛ ولذلك يقولون: (فقه البخاري في تراجمه) (٢)؛ فهو لم يرد أن يضيع الرواية الأُخرى؛


= ولو كان عند الزهري فيه خبر ثابت لم يحتج إلى أن يستدلّ لما ذكر قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَن أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة"، بأن الجمعة من الصلاة، إذ لو كان عنده في المسألة خبر ثابت لاستغنى به غير أن يستدل عليه بغيره".
(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يشار بهذه العبارة إلى دقة تراجم البخاري وإشارتها في الغالب إلى فوائد فقهية عظيمة النفع. وصف ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٣) تراجم الإمام البخاري بكونها حيرت الأفكار، وأدهشت العقول وبكونها بعيدة المنال منيعة المثال التي انفرد بتدقيقه =

<<  <  ج: ص:  >  >>