"ولا تُسرعوا؛ فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، مع أنَّه إذا مشى بسكينة، يعني بهدوء، يقارب بين الخُطى، وبوقار تكون هيأته هيئة الوقار، ففي هذه الحالة تفوته تكبيرة الإحرام، وربما يفوته غيرها، لكن لا ننسى ما في الأدلة الأُخرى:"أنَّ مَن خرج من بيته يعمد إلى الصلاة، لا يريد إلَّا الصلاة، فهو في كل خطوة يخطوها، يرفعها تكتب له بها حسنة، ويضعها تكتب له بها حسنة"(١).
فهو في حكم المصلي؛ وهناك حسنات تُسجل له، وتُدون له في سجل الخالدين، واللَّه -سبحانه وتعالى- سيجازيه عليها أعظم الجزاء، فهو في فضل، وخير، وثواب، فينبغي أن يمشي إلى الصلاة بسكينة ووقار، ثم إنَّ الإنسان إذا مشى إلى الصلاة مُسرعًا، وربما يدخل مُضطربًا؛ فيحصل منه ما أشرنا إليه قبل قليل، بأن يأتي فيكبّر مسرعًا، والإمام راكع، لا يدري هل كبر تكبيرة الإحرام أو الركوع؟ يعني ربما ينسى الهيئة التي كان عليها؛ وإذا جئت إلى الصلاة، فإنك تأتي لتعبد اللَّه -سبحانه وتعالى- ولتؤدي الركن الثاني بعد الشهادتين؛ وأين تؤديه؟ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}[النور: ٣٦]، فينبغِي أن تأتي بوقار وبسكينة، وأن تكون مطمئنًا مستحضرًا جميع الحواس حتى تكون خاشعًا بين يدي اللَّه -سبحانه وتعالى-.
(١) أخرجه البخاري (٢١١٩)، ومسلم (٦٤٩)، ولفظ البخاري: "صلاة أحدكم في جماعة، تزيد على صلاته في سوقه وبيته بضعًا وعشرين درجة، وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة، أو حطت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه ما لم يحدث فيه، ما لم يؤذ فيه، وقال: أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه".