لو أردنا أن نبيِّن الحكمَ فلن نحتاج إلى هذه التعليلات والمناقشات اللُغوية؛ لأننا نريد أن نبسط المسألة، فنقول:
ثبت عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه أنَّه قال:"مَن أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة". فثبت بذلك أن الصلاةَ تدرك بإدراك ركعة، هذه واحدة.
وقد قال العلماء: وتُدرَكُ الركعة بإدراك الركوع؛ ودليل ذلك حديث أبي بكرة (١).
إذن الأمر كله مُستمَّدٌ من سُنَّة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يلتقي مع روح هذه الشريعة، ومع يُسْرِها وسماحتها وشمولها، ويدخل في أبواب التيسير؛ وإلَّا فالإنسان إذا ركع لفاتته القراءة؛ أي: قراءة الفاتحة، والقراءة ركن، ومع ذلك نجد أنَّها سقطت عنه في هذه الحالة.
يعني المؤلف بقوله:(الأَخْذِ بِبَعْضِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الأَسْمَاءُ): أنَّ الركعة تُطلَق على القيام، والركوع، والسجود، وعلى الجلستين، فهذه كلُّها جزئيات، وكلُّها تدخل تحت مسمًّى واحدٍ (ركعة)، فإن كنت ممن يأخذ ببعض الأجزاء، بأن من أدرك بعض هذه الأجزاء، كان مدركًا للركعة، وإن كنت ترى أنَّه لا بدَّ من توفُّر هذه الجزئيات، فلا بد من أن يكون هناك قيام، وركوع، وسجود،. . . إلى آخره؛ وبذلك تُدرك الركعة؛ فهذا هو مراده.
(١) أخرجه البخاري (٧٨٣) عن أبي بكرة، أنه انتهى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "زادك اللَّه حرصًا ولا تعد".