للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن العلماء أجابوا عن هذا التعليل، فقالوا: نحن نشترط أن يكون تكبيرُ الإنسان للإحرام قائمًا، وبذلك يكون قد أدرك جزءًا من القيام، ويكبر قائمًا، ثم يركع، فيكون بذلك قد أدرك القيام، أو جزءًا منه.

* قوله: (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى اعْتِبَارِ الِانْحِنَاءِ فَقَطْ أَنْ يَكُونَ اعْتَبَرَ أَكْثَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْمُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الِانْحِنَاءَ فَقَدْ أَدْرَكَ مِنْهَا جُزْأَيْنِ، وَمَنْ فَاتَهُ الِانْحِنَاءُ إِنَّمَا أَدْرَكَ مِنْهَا جُزْءًا وَاحِدًا فَقَطْ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الخِلَافُ آيِلًا إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الأَخْذِ بِبَعْضِ دَلَالَةِ الأَسْمَاءِ أَوْ بِكُلِّهَا، فَالخِلَافُ يُتَصَوَّرُ فِيهَا مِنَ الوَجْهَيْنِ جَمِيعًا).

أحيانًا يكونُ الاستدلالُ على المسائل بالمنقول، وأحيانًا بالمعقول؛ والمؤلف هنا يناقش هذه القضية من ناحية لُغوية، لكنَّه يناقشها أيضًا من حيث المعقول؛ فيريد أن يُجزئَ لنا الركعة، فهل نأخذ بالأكثر، أو بالكلِّ؟ إن أخذنا بالأكثر -على رأيه- فتدرك الركعة بإدراك الركوع؛ وإن قلنا: لا بدَّ من توفُّر جميع ما يتعلَّق بالركعة، فلا، ولكننا نقول: حديث أبي بكرة قد ورد في هذه المسألة، فلا نحتاج إلى هذه التعليلات، ولا إلى هذه المناقشات.

* قوله: (وَأَمَّا مَنِ اعْتَبَرَ رُكُوعَ مَنْ فِي الصَّفِّ مِنَ المَأْمُومِينَ؛ فَلأَنَّ الرَّكْعَةَ مِنَ الصَّلَاةِ قَدْ تُضَافُ إِلَى الإِمَامِ فَقَطْ، وَقَدْ تُضَافُ إِلَى الإِمَامِ وَالمَأْمُومِينَ).

هذا تعليلٌ ضعيفٌ؛ لأنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّما جُعل الإمام ليُؤتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه" (١)، وقال في الحديث الآخر: "لا تقُومُوا حتَّى تروني" (٢)، فالذي يؤتم به إنَّما هو الإمام، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سووا صَفُوفكم


(١) أخرجه البخاري (٧٨٣) عن أبي بكرة، أنه انتهى إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "زادك اللَّه حرصًا ولا تعد".
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>