للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتراصوا، فإنِّي أراكم من وراء ظهري" (١)، فالذي يُقتدى به هو الإمام وليس المأموم، وفي الحقيقة لا يُقتدى بالمأموم في هذه، وإنَّما تنظر إلى صفوف المأمومين في حالة ما إذا غاب عنك الإمام، فإن أدركت أنَّ الإمام قد رفع، فلا يكفيك أن تقتدي بهم، وإنما تقتدي بالإمام، فمن المأمومين من يتأخر؛ فالاقتداء بالإمام لا المأموم.

* قوله: (فَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ: هُوَ الِاحْتِمَالُ فِي هَذِهِ الإِضَافَةِ؛ أَعْنِي: قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ"، وَمَا عَلَيْهِ الجُمْهُورُ أَظْهَرُ).

عاد المؤلف فقال: (وَمَا عَلَيْهِ الجُمْهُورُ أَظْهَرُ)؛ والذي عليه الجمهور هو أنَّ الركعة تُدرَكُ بإدراك الركوع، لكن البعض يأتي كالسهم منطلقًا، فيجد الإمام يركع فيهوي ويرى نفسه بذلك قد أدرك الركعة؛ فلماذا لا تأتي بها، وتطبق قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".

فالعلماء قالوا: يشترط أن يدرك الإمام راكعًا، وأن يطمئن في ركوعه (٢).

وبعضهم قال: لا يشترط الاطمئنان، لكن أن تصل كفَّاه إلى ركبتيه؛ وهذا نصَّ عليه الإمام الشافعيُّ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٧١٩).
(٢) ينظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٦٣). حيث قال: "وهذا إذا أدرك الإمام في طمأنينة الركوع، أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء. فهذا يعتد له بالركعة، ويكون مدركًا لها. فأما إن كان المأموم يركع والإمام يرفع لم يجزه".
(٣) ويُنظر: "المجموع" للنووي (٤/ ٢١٥). حيث قال: "قال الشافعي والأصحاب إذا أدرك مسبوق الإمام راكعًا وكبر وهو قائم ثم ركع فإن وصل المأموم إلى حد الركوع المجزئ وهو أن تبلغ راحتاه ركبتيه قبل أن يرفع الإمام عن حد الركوع المجزئ فقد أدرك الركعة وحسبت".

<<  <  ج: ص:  >  >>