للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أضَافت لنا أحكامًا جديدةً لم تكن موجودةً في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، كمَا هو الحال في تَحْريم الجمع بين المرأة وعمَّتها، وبين المرأة وخالتها (١)، فهذا الكلام حُجَّة على القائلين بالوقوف عند كتاب الله، وَعَدم الاحتجاج بالسُّنة، ويستدلُّون على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، بَلْ إنَّ هناكَ زيادةً في سُنَّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا تَتعَارض مع كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنهما مصدران جاءا عن طريقٍ واحدٍ.

فهناك من الأحكام ما لم يرد في كتاب الله تعالى، وإنما علمناه عن طريق السنة النبوية المطهَّرة، كالمضمضة والاستنشاق، والبياض الذي بين العِذَارِ (٢) والأذن، وتحديد الرأس طولًا وعرضًا، كل هذا إنما ورد في السنة (٣) لا الكتاب، فينبغي أن نتنبَّه لهذا الأمر؛ لأننا نسعى إلى أن تكون أفعالنا متوافقةً قَدْرَ الإمكان مع منهج الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا سيما في الوضوء الذي هو شرظ من شروط صحة الصلاة، والذي قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام: "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ" (٤).

وقال أيضًا: "لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ" (٥).

وقال كَذَلك: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ" (٦).

(المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنَ الشُّرُوطِ: اخْتَلَفُوا فِي المُوَالَاةِ فِي أَفْعَالِ الوُضُوءِ).


(١) أخرجه البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨).
(٢) "العذار": الخد. يُنظر: "تاج العروس" (١٢/ ٥٤٩).
(٣) منها ما أخرجه أبو داود (١٢٩)، وغيره عن الرُّبَيِّع بنت معوذ أنها رأت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوضأ، قالت: "مسح رأسه، ومسح ما أقبل منه، وما أدبر، وصدغيه، وأذنيه مرة واحدة"، وحسنه الأَلْبَانيُّ في "صحيح أبي داود".
(٤) أخرجه البخاري (١٣٥)، ومسلم (٢٢٥).
(٥) أخرجه مسلم (٢٢٤).
(٦) أخرجه مسلم (٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>