للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ"المُوَالَاة" (١): هي عدَم التفريق، بمَعْنى ألَّا يُفَرِّقَ المتوضِّئُ أثناء وضوئِهِ بين عَمَلَيْنِ إلا بِجُزْءٍ يَسِيرٍ لا تأثيرَ له، والبحث في هَذ المسألة يَخْتصُّ بما إذا كان المُتَوضِّئُ يَجب عليه غَسْلُ هذه الأعضاء متواليةً عضوًا بعد آخَر أم لا.

فالعلماء مُجمِعُون على أن التفريقَ اليسيرَ لا أثر له (٢)، ولكن الخلاف إنَّما هو في التَّفْريق غير اليسير.

وَحَدُّ القِلَّةِ والكَثرَةِ في هذا محلُّ خِلَافٍ بين العلماء، وأشهر الأقوال فيه هو: "ألَّا تَتَأَخَّرَ في غَسْلِ عُضوٍ حتى يَجِفَّ الآخرُ في الجَوِّ المُعتَدِلِ" (٣)، كأن يؤخر المتوضئُ غسل اليدين حتى يجفَّ الوجه.


(١) "الموالاة": المتا بعة. يُنظر: "المصباح المنير" للفيومي (٢/ ٦٧٢).
(٢) حكى الإجماع النووي في "المجموع" (١/ ٤٥٢) حيث قال: "أما حكم المسألة: فالتفريق اليسير بين أعضاء الوضوء لا يضرُّ بإجماع المسلمين، نقل الإجماع فيه الشيخ أبو حامد والمحاملي وغيرهما". وانظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ١٩٤).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" لابن عابدين (١/ ١٢٢) حيث قال: "عرفه الزيلعي بغسل العضو الثاني قبل جَفَاف الأول. زاد الحدادي مع اعتدال الهواء والبدن وعدم العذر، وعرفه الأكمل في التقرير بالتتابع في الأفعال من غير أن يتخللها جفاف عضو مع اعتدال الهواء".
مذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (١/ ١٢٨) حيث قال: "والطول المذكور المانع في صور العجز قيل: يحد بالعرف. وقيل: بجفاف الأعضاء المعتدلة في الزمن المعتدل .. وهو المشهور، وهو مذهب المدونة، فاعتدال الأعضاء في المزاج لا كون الشخص بين الشبوبة والشيوخة، وإنما ذَلكَ من صور اعتدال المزاج غالبًا، واعتدال الزمن بين الحرارة والبُرُودة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (١/ ١٩٤) حيث قال: "وهي التتابع بحيث يغسل العضو الثاني قبل جفاف الأول مع اعتدال الزمان والمزاج والهواء".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١٠٥) حيث قال: " (والموالاة) مصدر وَالَى الشيء يواليه إذا تابعه، والمراد هنا: (ألا يؤخر غسل عضو حتى ينشف) العضو (الذي قبله يليه) بألا يؤخر غسل اليدين حتى يجف الوجه، ولا مسحٍ الرأس حتى تجف اليدان، ولا غسل الرجلين حتى تجف الرأس لو كانت مغسولة، وعلم=

<<  <  ج: ص:  >  >>