للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إن بعضهم -كما ذكر المؤلف- يوصم (١) بالفسق وبالإثم، لكن ليس فسقًا ولا إثمًا كإثم وفسق من ترك واجبًا.

ولذلك في شروط القاضي، يضيفون العلماء شروطًا للقاضي لا توجد في أي إنسان كغيره، في أدبه، وهيئته، وخروجه، وفي جلوسه، وتعامله مع الناس؛ أي: وضع العلماء له أدآبًا تخصه؛ لأنه يتولى منصبًا عظيمًا يحكم فيه بين الناس، وقد يكون حكمه بين الناس في الدماء، ربما تزهق نفوس بحكمه وتبقى نفوس.

فهو في هذا المقام مجتهد وله ثواب، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قسَّمَ القُضاة إلى أقسام: ومن بينهم: "قاض عرف الحق فحكم به فهو في الجنة" (٢).

فلو أن إنسانًا عرف الحق فحكم بخلافه؛ فهذا من القضاة الذين تهددهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وهكذا طالب العلم مهما كان، الذي يعمل بعمله ويطبقه ويدعو الناس إليه؛ يثاب على ذلك، وطالب العلم الذي يَتعلم العلم ويعمل على خلافه ينطبق عليه قول اللَّه تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٢، ٣].

* قوله: (وَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرًا لِأَصْحَابِ مَالِكٍ).

تعلمون المؤلف هنا إنما هو مالكي، ومعرفة المؤلف بفروع مذهب مالك أكثر من غيره؛ لأنه مالكي المذهب، ومعرفته بالمذاهب الأخرى قائمة على النقل عن غيره.


(١) أي: يُعيب. يقال: وَصَمه وَصْمًا؛ عابه. انظر: "كتاب الأفعال"، لابن القطاع (٣/ ٣١٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٧٣) عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٨/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>