للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرادُ بها النيَّة هاهنا (١)، وَسَببُ اخْتلَافهم حول هذا الحديث أنَّ مَدَارَهُ على ابن حَبِيب المالكيِّ، لكن الحديث له عِدَّة طُرُقٍ وشواهد، وقد حسَّنَه كثيرٌ من العلمًاء، منهم الإمام النوويُّ رَحِمَهُ اللهُ (٢)، فينبغي للإنسان ألا يَغفَلَ عن ذلك.

* قوله: (فَهَذِهِ مَشْهُورَاتُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَجْرِي مِنْ هَذَا الْبَابِ مَجْرَى الْأُصُولِ، وَهِيَ كَمَا قُلْنَا مُتَعَلِّقَةٌ إِمَّا بِصِفَاتِ أَفْعَالِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ، وَإِمَّا بِتَحْدِيدِ مَوَاضِعِهَا، وَإِمَّا بِتَعْرِيفِ شُرُوطِهَا، وَأَرْكَانِهَا، وَسَائِرِ مَا ذُكِرَ. وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ مَسْحُ الْخُفَّيْنِ إِذْ كَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْوُضُوءِ).

ممَّا سبق يتبيَّن لنا مدَى عناية الفقهاء واهتمامهم بهَذِهِ المسائل الفقهيَّة المرتبطة بدين المسلم، فآيةُ الوُضُوءِ إنَّما ذَكَرَت لنا أُمُورًا أربعةً، لَكن العُلَماء انْتَهوا إلى هذه النتائج المفيدة لكل مُسْلمٍ بسَبَب عنَايتهم بالمَسَائل المتعلِّقة بالوُضُوء، وتَدْقيقهم فيها، وهذا كلُّه لا شكَّ إنما يَتَأتَّى من دراسة هذا الفقه العظيم، الذي لا يَبْلَى علَى طول الزَّمان عِزُّهُ، ولا يَفنَى بكثرة ما يُنفَقُ منه، فَكَمْ مَرَّ مِن العصور والدُّهُور علَى هَذِهِ الشَّريعة إلَّا أنَّها تَظَلُّ بَاقيةً ما بقي اللَّيل والنَّهار، صالحةً لكل زمانٍ ومكانٍ.

أن الَّذينَ يَجْهلون قدرَ هذه الشريعة من الحاقدين عليها من غير المسلمين عندما أرادوا القدحَ فيها، لم يحاولوا التعرضَ للعقيدة الإسلامية؛


(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٦٦) حيث قال: "قال عبد الملك (يعني: ابن حبيب): يَعْني بالتسمية أن ينوي الصلاة".
(٢) يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣٤٣) حيث قال: "وهو حَديثٌ ضعيفٌ عند أئمة الحديث، وقد بَيَّن البيهقيُّ وجوه ضَعْفه … وروى أبو داود من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه"، وكذا رواه الترمذي من رواية سعيد بن زيد، ورواه ابن ماجه من رواية سعيد بن زيد وأبي سعيد الخدري. قال الترمذي: وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وأبي سعيد وسهل بن سعد وأنس، وأسانيد هذه الأحاديث كلها ضعيفة". وانظر: "البدر المنير" لابن الملقن (٢/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>