للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فسر القول في هذه المسألة وبيَّن أن هناك فرقًا بين الرجال وبين النساء في حالة تنبيه الإمام، وأن الرجال يُنبهون الإمام بقول: سبحان اللَّه، وأن النساء لا يرفعن أصواتهن ولا يتكلمن في ذلك، وإنما يصفقن فقط.

* قوله: (وَمَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ الذَّمَّ لِلتَّصْفِيقِ قَالَ: الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي التَّسْبِيحِ سَوَاءٌ) (١).

ابن رشد من علماء المالكية، ومن المنتسبين إلى المذهب، وهو في كتابه هذا يكتب عن المذاهب عمومًا، ولا يتعصب لمذهبه، فهو بهذا يميل إلى رأي جمهور العلماء؛ لأن رأى جمهور العلماء واضح الدلالة، دليله صريح جدًّا لا يحتمل تأويلًا ولا تبديلًا ولا تصريفًا عن مدلوله، وواضح الدلالة على المُدَّعَى وهو أن الرجال يقولون: (سبحان اللَّه!) والنساء يصفقن، فلم يتعصب لمذهبه.

وهكذا يكون شأن كل طالب علم، فينبغي أن يسعى إلى الحق بغية الوصول إليه من أقرب طريق وأهداه، لا ينبغي أن يتعصب لمذهب ما؛ لأنه درس هذا المذهب أو أنه عرفه أو أنه عاش فيه.

فليس الحق محصورًا في قول عالم من العلماء، ولا في مذهب من المذاهب، ولا ينبغي دائمًا أن نتبع الرجال على أسمائهم ما دام هذا هو قول أبي حنيفة، أو أحمد، أو مالك، فلا بد أن نأخذ به، نحن نأخذ بالحق.

لكن ينبغي عندما نريد أن نأخذ بالحق أن نكون ممن يعرف الحق من غيره؛ أي: ممن يستطيع أن يوازن بين آراء العلماء، ويعرف أدلتهم، ووجه الدلالة منها، ويعرف الأحاديث الصحيحة، والراجح من المرجوح،


(١) سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>