للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أبي حنيفة ضعَّفه عامة العلماء؛ لأنه لا مستند له من الدليل (١).

يريد أن يقول: أنَّ الذي نُسب لأبي حنيفة: إن كان هذا الشك في أول الصلاة فسدت صلاته، فهو يحتاج إلي أن يستأنفها واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣].

* قوله: (وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، تَحَرَّى وَعَمِلَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ (٢). وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا شَكَّ لَا رُجُوعٌ إِلَى يَقِينٍ، وَلَا تَحَرٍّ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ السُّجُودُ فَقَطْ إِذَا شَكَّ) (٣).

لم يشر إلى مذهب أحمد، ومذهبه يجمع بين الآراء؛ فلقد أشار إلى الفرق الثلاثة لكنه لم يشر إليه، وأحمد له رواية مع مالك والشافعي أيضًا؛ فممكن أن يكون معهم ويقال هذا رأي أحمد، لكن روايته المشهورة في المذهب أن يتحرى كما ذكرنا (٤).

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الآثَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذَا البَابِ).

هناك أدلة ظاهرها التعارض، فهناك حديث يأمر بالتحري، وآخر يأمر أن يقطع الشك باليقين وأن نترك الشك ونأخذ باليقين، واليقين هنا هو


= بلوغه، وعليه أكثر المشايخ. "بحر" عن "الخلاصة": (كما صلى استأنف) بعمل مناف وبالسلام قاعدًا أولى؛ لأنه المحل، (وإن كثر) شكه (عمل بغالب ظنه إن كان) له ظن للحرج (وإلا أخذ بالأقل) لتيقنه". وانظر: "مختصر القدوري" (ص ٣٥).
(١) انظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ١١١)، وفيه قال: "وقال أبو حنيفة: إن حصل له الشك أول مرة بطلت صلاته، وإن صار عادة له اجتهد وعمل بغالب ظنه، وإن لم يظن شيئًا عمل بالأقل. قال الشيخ أبو حامد: قال الشافعي في القديم: ما رأيت قولًا أقبح من قول أبي حنيفة هذا ولا أبعد من السنة".
(٢) تقدَّم.
(٣) وهو قول الليث كما سبق.
(٤) بل الرواية المشهورة عن الحنابلة هي التي وافق فيها المالكية والشافعية من أنه يبني على الأقل وهو اليقين كما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>