للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهذَا النُّزولُ الإلهيُّ فرصةٌ عظيمةٌ لا شكَّ، فَإِنْ وفَّق اللَّهُ المؤمنَ أن يقوم في هذا الوقت، فيَرْفع يديه إلى السماء صَادقًا مخبتًا مخلصًا للَّه سبحانه وتعالى، فهنيئًا له، فإنَّ اللَّهَ تَعالَى هيَّأ لنا كُلَّ أسباب الرشاد، والخير والفلاح، فَهلَّا تَسَابقنا إلى ذلك؟ هلَّا سَعَينا إلى جنةٍ عَرْضها السَّماوات والأرض أُعدَّت للذين آمنوا، هلَّا سَارَعنا إلى مغفرةٍ من اللَّه ورضوان كما أمرنا ربُّنا، فقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (١٣٦)} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٦].

هَذَا هو جزاء الصالحين، هذا هو جزاء الصادقين، هذا هو جزاء المحسنين، الذين آمنوا باللَّه ورسوله، وَصَدقوا ما في كتاب اللَّه، وكتاب رسوله، هذا هو جزاؤهم، وهو جزاءٌ عظيم كبيرٌ بالنسبة لما يقدمه المرء في هذه الحياة من عمل، لكن اللَّه سبحانه وتعالى كريمٌ، يُضاعف للمرء الحسنات إلى سبعمائة ضعف.

وها قَدْ رأينا ما في الوتر من فوائد عظيمة، وهكذا كل عبادة من العبادات، ولعلنا نقف على فضائل بعضها.

فَهَذَا كَرمٌ من اللَّه سبحانه وتعالى، وَفضلٌ منه، وَهَكذا رأينا عناية العلماء بالوتر، واهتمامهم به حتى إنَ بَعْضهم ذهب إلى وجوبه؛ لكثرة الأحاديث التي وَرَدتْ فيه، وكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحَافظ عليه، وكان يُوصي أصحابه -رضي اللَّه عنهم- أيضًا بالمحافظة عليه (١)، وكان بعضهم يُوصي بعضًا به.

وكان رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوم فيُحْيي لَيْلَه، ويصلي حتى تتفطر قدماه (٢).


(١) كَمَا في حديث أبي هُرَيرة المتقدم ذكره.
(٢) أخرجه البخاري (١١٣٠) ومسلم (٢٨١٩/ ٧٩)، عَن المغيرة قال: إنْ كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- =

<<  <  ج: ص:  >  >>