للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَأَمَّا صِفَتُهُ: فَإِنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ يَفْصِلُ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ (١). وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الوِتْرُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ (٢)، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهَا بِسَلَامٍ).

فأبو حنيفةَ يرَى أن الثلاثةَ متصلة وترٌ، لا يفصل بينها بسلام، بل يصلي ثلاث ركعات ثم يجلس للتشهد، ويسلم في آخرها، والجمهور (٣) (وهم الأئمة الثلاثة) يَرَون أنه يصلي ثلاثًا، لكنه يسلَم من ركعتين، ثم يوتر بواحدةٍ، هذا هو مذهب الجمهور، وَهُوَ الَّذي نسبه إلى الشافعي، لكن الأئمة الثلاثة يرون أنه يَنْبغي أن يتقدم الوتر ركعتان هما شفعٌ في صلاته، هذا هو تحرير قولهم.

ثمَّ بعد ذلك يختلفون: هل الوتر نفسه هو ركعة واحدة؛ أي: جميع الوتر ركعة واحدة؟ أو هو ثلاث ركعات أو خمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة وهو نهايته؟

فيه خِلَافٌ بسبب الأَحَاديث التي وردت في ذلك؛ فإن من الأحاديث


= ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه -أو ساقاه- فيُقَال له، فيقول: "أفَلَا أكُون عبدًا شكورًا".
(١) يُنظر: "الإشراف على نُكَت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٨٩) حيث قال: "صفة الوتر أن يَأْتِيَ بركعةٍ واحدةٍ قبلها شفعٌ منفصلٌ، وليس لها قبلها من الشفع حدٌّ، وأقله ركعتان".
(٢) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" للحصحكفي (٢/ ٥) حيث قال: "وهو ثلاث ركعات بتَسْلِيمَةٍ كالمغرب؛ حتى لو نسي القعود لا يعود ولو عاد ينبغي الفساد".
(٣) مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٢/ ١١٣) حيث قال: "ولمَنْ زاد على ركعة في الوتر الفصل بين كل ركعتين بالسلام للاتباع، وهو أفضل من الوصل". ومَذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٢٣٨، ٢٣٩) حيث قال: "وأدنى الكمال في الوتر ثلاث ركعات بسَلَامين بأن يصلي ثنتين ويسلم؛ لأنه أكثر عملًا، وكان ابن عمر يسلم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته، ويجوز أن يصلي الثلاث بسلام واحد. قال أحمد: إِنْ أوتر بثلاثٍ لم يُسلِّم فيهن، لم يضيق عليه عندي سردًا من غير جلوس عقب الثانية، لتخالف المغرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>