للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان أكثر الناس عبادةً للَّه، وأكثرهم طاعةً له سبحانه وتعالى، وهكذا ينبغي أن يكون كل مسلمٍ، فلا ينبغي أن يقصرَ نفسه على الفرائض، وإنما يتقرب إلى اللَّه سبحانه وتعالى بنوَافل الطاعات التي فتح اللَّه له سبحانه وتعالى فيها المجال، لينافسَ ويسابقَ، فيزداد أجرًا وثوابًا في هذه الدنيا، ليلقى ذلك أمامه في الآخرة.

* قوله: (وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصارِيِّ أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ" (١)).

تقدم أن هذا الحديث من الأدلة التي احتجَّ بها الحنفية على وجوب الوتر.

* وقوله: ". . . ومَنْ أحب أن يوتر بخمسٍ فليفعل، ومَنْ أحب أن يوتر بثلاثٍ فليفعل، ومَنْ أحبَّ أن يوتر بواحدةٍ فَليَفْعل".

دلَّ على أنه ليس هناك قدرٌ محددٌ، وإنما المرء بالخيار في ذلك، لكن كُلَّما زادت الصلاة، ازداد الثواب، فإذا ضاق بك الوقت، وَخَشيت أن يُدْركك الفجر، فاقتصر على وَاحِدَةٍ كما جاء أيضًا في الأحاديث الصحيحة، فَعَنْ عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: إنَّ رجلًا قال: يا رسول اللَّه، كيف صلاة الليل؟ فال: "مَثْنى مَثْنى، فإذا خِفْتَ الصُّبح، فأوتر بوَاحِدَةٍ" (٢).

وَسَيَأْتِي الكلام عن وقتط الوتر، وأنه يمتدُّ ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، والفجر إذا أطُلق، فهو الفجر الصادق؛ لأنه الذي تَتَرتَّب عليه الأحكام.

الوترُ حقٌّ، وَالحقُّ هو الثَّابت (٣)، وهو من الأمور ذات الفضل،


(١) أخرجه أبو داود (١٤٢٢) وغيره، وَصَححه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٧١٤٧).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>