للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِرَابعةٍ؛ للحديث: "لا وِتْرَانِ في ليلةٍ"؛ لأنه لو صلاها ثلاثًا، ثم أعادها ثلاثًا، فكأنه أوترَ مرَّتين، وقد أَجَبنا عن ذلك قبل، وبينَّا أن المراد من حديث: "لَا وِتْرَانِ في ليلةٍ" (١)، الوتر غير الواجب، وليس صلاة المغرب.

* قَوْله: (فَإِنَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ إِذَا شُبِّهَ شَيْءٌ بِشَيْءٍ، وَجُعِلَ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا، كَانَ المُشَبَّهُ بِهِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ).

يَعْني مُرَاده أنَّ وترَ اللَّيل شُبِّه بالمغرب؛ لأنَّ المغربَ وتر النهار، ووَجْه الشبه بينهما أن كِلَيْهما وترٌ، ولمَّا كانت المغرب ليس فيها إلا تسليمٌ واحدٌ، فكذلك الوتر.

* قَوْله: (وَلَمَّا شُبِّهَتِ المَغْرِبُ بِوِتْرِ صَلَاةِ النَّهَارِ وَكَانَتْ ثَلَاثًا، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ وِتْرُ صَلَاةِ اللَّيْلِ ثَلَاثًا).

كَانَ الأَوْلَى بالمؤلف إيراد الرِّواية الأخرى؛ لأنها أقرب وأوضح في بيان استدلال الحنفية.

وقَدْ ذكَرنا قبل ذلك أن ممَّا يُؤْخذ على هذا الكتاب -مع أنَّ مؤلِّفه بذل جهدًا طيبًا، وابتعد عن التعصُّب، وفيه جهودٌ عظيمةٌ- النقص الحاصل


= لأن وقتها عليه يسع تكررها مرتين، بل أكثر، كما علم مما مر فيه مؤداه وحده، وكَذَا جماعة في الأصح إعادتها بالمعنى اللُّغوي لا الاصطلاحي مرة فقط مع جَمَاعةٍ يدركها في الوقت؛ سواء أكانت مثل جماعة الأولى أم أقل منها أم أكثر. . . على أنه لا فرق بين مَنْ صلى جماعةً أو منفردًا، ولا بين اختصاص الأولى والثانية بفضل أو لا".
(١) أخرجه أبو داود (١٤٣٩)، وغَيْره عن قيس بن طلق، قال: زَارَنا طَلْق بن عليٍّ في يومٍ من رمضان، وأمسى عندنا، وأفطر، ثم قام بنا الليلة، وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلَّى باصحابه، حتى إذا بَقِيَ الوتر، قدم رجلًا، فقال: أوتر بأصحابك، فإني سَمعتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا وِتْرَان في ليلةٍ". وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ في "صحيح الجامع" (٧٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>